Sign up to save your library
With an OverDrive account, you can save your favorite libraries for at-a-glance information about availability. Find out more about OverDrive accounts.
Find this title in Libby, the library reading app by OverDrive.

Search for a digital library with this title
Title found at these libraries:
Library Name | Distance |
---|---|
Loading... |
لم يكن الإسلام منذ انبعاثه وظهوره على الدين كله يترك أمراً من الأمور إلاّ وتولاّه بالتفصيل والتفسير إن لم يكن تفصيلاً فإجمالاً وإن لم يكن بنص قرآني صريح فبسنة نبوية فعلية أو قولية أو تقريرية ولم يأت الإسلام أبداً دين عبادة وشعيرة فقط بل كان دائماً دين شعيرة وشريعة ولم يكن الإسلام دين آخرة فقط بل كان دين الأولى أو الدنيا ولربما اهتم بالدنيا لأنها مزرعة الآخرة والمدخل الطبيعي إليها فإن كانت الدنيا خيراً فالآخرة خير وإن كانت الدنيا غير ذلك فالآخرة هي كذلك وكذا لم يأت الإسلام دين فكر وتدبر فقط أو عمل وفعل فقط بل كان دائماً دين الفكر والعمل .
لقد أفلح الآخرون عندما أدخلوا في روعنا ورسّخوا في ذهننا أننا نحن المسلمين نملك ديناً قيّماً ولكنه أحادى النظرة ينصرف كله إلى العبادة وإقامة الشعائر فإذا برح المسلم دار العبادة فهو شخص آخر وهكذا كانت المحصلة أن أصبح المسلم إنساناً ذا شخصيتين بينهما انفصام بيّن يعبد الله بشخصية ويعيش بأخرى وظل هذا حالنا منذ أن وهنت الدولة الإسلامية وتضعضعت في أواخر العصر العباسي الأول .
ولم نفق بعد من سُباتنا الذي طال إلا أنه بين الفينة والفينة يصحو البعض فيحاول أن يتدارك الأمر ويصحح ما أفسده الآخرون ولكن تلك الصحوات لم تكن تجدي في نفض كل الغبار المتراكم على الجوهر المكنون وظلت تمثل بارقات أمل على أن الأمة لم تستنفد كل طاقاتها ولم تيئس من الإعراب عن ذاتها والإعلان عن جوهرها ومكنونها .
ومنذ سنوات ليست بالطويلة انبرى بعض المخلصين من أبناء أمة الإسلام يُعمِلون الفكر ويقدحون زناد العقل ليسددوا للعالمين رسالة مفادها أننا أصحاب فكر وأرباب منهاج لكل مجال هو رائد ولكل مكان هو صالح ولكل زمان هو فالح وكان سعي هذا البعض مشكوراً ولكننا نعيش في عالم سيطر عليه الفكر الموضوع واختلط فيه الحابل بالنابل وكثر الخبيث .
والله تعالى يقول "قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث فاتقوا الله يا أولي الألباب لعلكم تفلحون" (المائدة 100) .
وانهالت علينا نظريات وأفكار الغرب والشرق وكلاهما يتفنن في تزيين بضاعته وتحسين مخلّفات فكره وعقله .
ولكن الله يقول "قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً الذين ضلّ سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً" (الكهف 103 و104) وعشنا حائرين مذبذبين إلى هؤلاء تارة والى أولئك أخرى وظل هذا حالنا .
ولكي نفيق وننهض لابد من أن نضع الأمور في نصابها الصحيح فنحق الحق ونأخذ على أنفسنا كل مأخذ ونصوب كل خطأ وقعنا فيه فعندما اجتهدنا مسسنا أمهات المسائل مساً ولم نقدم ما يسمن ويغني من جوع لنرد على المرجفين ونشفي صدور قوم مؤمنين .
وعندما أبدعنا تناولنا كبريات القضايا تناولاً جزئياً حيث أفرطنا في تناول الجزئيات وفرّطنا في تناول الكليات فعجزنا عن تقديم نظرية متكاملة فيما يعرف "بالظاهرة السياسية في الإسلام" وكان واقع الحال كما يلي :
أولاً : كان عالم التوحيد أو عالم أصول الدين أو الفقيه يدخل إلى الظاهرة السياسية من مدخل توحيدي أو أصولي أو فقهي ويتناول جزئياتها ومفرداتها من منطلقات توحيدية أو أصولية أو فقهية .
فعزّ ذلك على أفهام الكثيرين وحيل بينه وبين الوصول إلى الألباب والنهى فتم تأويل ذلك بأن الإسلام لا يملك أدوات التعامل مع مثل هذه الظواهر العصرية .
ثانياً : وعندما شرع الباحث في الظاهرة السياسية في الخوض في جنبات الدين الإسلامي ليستنبط مفردات هذه الظاهرة ويلتقط جزئياتها من بين فرائض ذلك الدين لم يقدر له التوغل كثيراً لأنه غير مزود بملكات البحث ومقدرات الفهم .
فقفل معلناً أنه لم يجد مبتغاه فتم تخريج ذلك بأن الدين الإسلامي يخلو من مثل هذه الظواهر العصرية .
والحاصل أن علماء التوحيد وأصول الدين والفقيه لم يعوا ويستوعبوا حقيقة وكنه الظاهرة السياسية وكيفية تناولها وأدوات التعامل معها وتقديم الطرح الإسلامي بخصوصها في شكل نظرية متكاملة الأركان مستوية القواعد .
ومن الناحية الأخرى فالباحث المتخصص في الظاهرة السياسية لم يخبر طرق ومسالك التوصل إلى تلك الظاهرة في الإسلام ولم يفقه حقيقة المدلولات والمفاهيم .
وبتنا في حاجة إلى عالم...
لقد أفلح الآخرون عندما أدخلوا في روعنا ورسّخوا في ذهننا أننا نحن المسلمين نملك ديناً قيّماً ولكنه أحادى النظرة ينصرف كله إلى العبادة وإقامة الشعائر فإذا برح المسلم دار العبادة فهو شخص آخر وهكذا كانت المحصلة أن أصبح المسلم إنساناً ذا شخصيتين بينهما انفصام بيّن يعبد الله بشخصية ويعيش بأخرى وظل هذا حالنا منذ أن وهنت الدولة الإسلامية وتضعضعت في أواخر العصر العباسي الأول .
ولم نفق بعد من سُباتنا الذي طال إلا أنه بين الفينة والفينة يصحو البعض فيحاول أن يتدارك الأمر ويصحح ما أفسده الآخرون ولكن تلك الصحوات لم تكن تجدي في نفض كل الغبار المتراكم على الجوهر المكنون وظلت تمثل بارقات أمل على أن الأمة لم تستنفد كل طاقاتها ولم تيئس من الإعراب عن ذاتها والإعلان عن جوهرها ومكنونها .
ومنذ سنوات ليست بالطويلة انبرى بعض المخلصين من أبناء أمة الإسلام يُعمِلون الفكر ويقدحون زناد العقل ليسددوا للعالمين رسالة مفادها أننا أصحاب فكر وأرباب منهاج لكل مجال هو رائد ولكل مكان هو صالح ولكل زمان هو فالح وكان سعي هذا البعض مشكوراً ولكننا نعيش في عالم سيطر عليه الفكر الموضوع واختلط فيه الحابل بالنابل وكثر الخبيث .
والله تعالى يقول "قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث فاتقوا الله يا أولي الألباب لعلكم تفلحون" (المائدة 100) .
وانهالت علينا نظريات وأفكار الغرب والشرق وكلاهما يتفنن في تزيين بضاعته وتحسين مخلّفات فكره وعقله .
ولكن الله يقول "قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً الذين ضلّ سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً" (الكهف 103 و104) وعشنا حائرين مذبذبين إلى هؤلاء تارة والى أولئك أخرى وظل هذا حالنا .
ولكي نفيق وننهض لابد من أن نضع الأمور في نصابها الصحيح فنحق الحق ونأخذ على أنفسنا كل مأخذ ونصوب كل خطأ وقعنا فيه فعندما اجتهدنا مسسنا أمهات المسائل مساً ولم نقدم ما يسمن ويغني من جوع لنرد على المرجفين ونشفي صدور قوم مؤمنين .
وعندما أبدعنا تناولنا كبريات القضايا تناولاً جزئياً حيث أفرطنا في تناول الجزئيات وفرّطنا في تناول الكليات فعجزنا عن تقديم نظرية متكاملة فيما يعرف "بالظاهرة السياسية في الإسلام" وكان واقع الحال كما يلي :
أولاً : كان عالم التوحيد أو عالم أصول الدين أو الفقيه يدخل إلى الظاهرة السياسية من مدخل توحيدي أو أصولي أو فقهي ويتناول جزئياتها ومفرداتها من منطلقات توحيدية أو أصولية أو فقهية .
فعزّ ذلك على أفهام الكثيرين وحيل بينه وبين الوصول إلى الألباب والنهى فتم تأويل ذلك بأن الإسلام لا يملك أدوات التعامل مع مثل هذه الظواهر العصرية .
ثانياً : وعندما شرع الباحث في الظاهرة السياسية في الخوض في جنبات الدين الإسلامي ليستنبط مفردات هذه الظاهرة ويلتقط جزئياتها من بين فرائض ذلك الدين لم يقدر له التوغل كثيراً لأنه غير مزود بملكات البحث ومقدرات الفهم .
فقفل معلناً أنه لم يجد مبتغاه فتم تخريج ذلك بأن الدين الإسلامي يخلو من مثل هذه الظواهر العصرية .
والحاصل أن علماء التوحيد وأصول الدين والفقيه لم يعوا ويستوعبوا حقيقة وكنه الظاهرة السياسية وكيفية تناولها وأدوات التعامل معها وتقديم الطرح الإسلامي بخصوصها في شكل نظرية متكاملة الأركان مستوية القواعد .
ومن الناحية الأخرى فالباحث المتخصص في الظاهرة السياسية لم يخبر طرق ومسالك التوصل إلى تلك الظاهرة في الإسلام ولم يفقه حقيقة المدلولات والمفاهيم .
وبتنا في حاجة إلى عالم...