إذا كانت مقاربة دوران للنصوص تنسلك في فضاء تتنازعه حشود من الثنائيات يأخذ بعضها بحجز بعض كثنائية الأسطورة المعلنة Mythe patent والأسطورة الكامنة Mythe latent وثنائية النقد الأسطوري والتحليل الميتي وثنائية تحكم بنية المجتمع تترجّح بين بساطتة واستقراره Diastole وبين تقبّضه وتوتره systole... الخ... فإنها في المقابل بدت جاهدة إلى ضبط اشتغالها بمصطلح هاد رئيس يقصي ما يحاوره أو ما ينتظم معه من مصطلحات أخرى وفق أي صلة تشجه به ثنائيا وثلاثيا (مثل مصطلحات بيرس المؤشر Indice والرمز والأيقونة Icône) من ذلك أن غاية جيليار دوران من مقاربته هو التركيز أساسا على الرمز Symbole وحده منبّها إلى أنّ (أخطاء الفلاسفة تتمثّل في درس الصور على أنها علامة Signe ولذلك عولجت باعتبارها ظاهرة اعتباطية على غرار العلامات اللغوية التي وصفها سوسير وفي مقابل ذلك اعتبر دوران الصورة رمزا أي أنه يرى فيها تجانسا/تماثلا بين الدال والمدلول -وليس اعتباطية- في حضن دينامية منظمة Dynamisme organisateur(5) وفي هذا المدار صرف دوران شطرا من همّه إلى مصطلح قبسه من باشلار وعقد له في ثنيات أعماله وتواليفه نادر الأهمية هو مصطلح: الرمز المحرّك Symbole moteur الذي وصله باشلار بالأفعى ولهج بأن مدارسته لا تتحقق إلا بالعود إلى ما وسمه بالأركيولوجيا النفسية archéologie psychologique (6) ثم طفق "دوران" يضبط صنافة للرموز وفقا لانتمائها الليلي أو النهاري الذي تطوف حول كل منهما فئات من الصور(7).