""" إن فن الخط العربي من الفنون الرفيعة التي تمخضت عنها مخيلة الإنسان و لعله الفن الأوحد الذي نستطيع أن نقول عنه دون مغالاه أن له روحاً ، فهو كصوت الإنسان يعبر عما في النفس من أفكار ، و هو لا يستوحي العالم الخارجي مهما بلغ هذا العالم من التنظيم و التنسيق ، و هو بذلك ينتسب إلى الموسيقى ، و يبدو أنه رمز لمعان تعيش في أعماق القلوب ... أنظر إلى هذه الحروف التي ترسم من اليمين و الشمال في خطوط أفقية سريعة ثم تدور حول نفسها في تموجات هادئة أو عنيفة و كأنها في ذلك تسير وفق هوى روح داخلية خفية ، ثم ترتفع ثم تتوقف فجأة و تثبت فخورة في أشكال مستقية متقاطعة ، ثم إذ بها تعود إلى الإندفاع في جموح و تحل ما إنعقد من أشكالها ، و يداعب بعضها البعض في مرح لذيذ فا يندفع معها الخيال في أحلام لا تهاية لها ، و ليس من الضروري أن يكون الإنسان مستشرقاً ممتازاً أو خطاطاً بارعاً ليدرك عمق الدوافع التي أدت بالقلم إلى رسم هذه الخطوط ، و ليستمتع بالنظر إلى أشكالها المجردة أو بالتأمل في العاطفة القوية التي تظهر في إنحناءاتها : فكل روح فنانة لابد أن تصل الأسباب دون جهد بينها و بين أسرار هذا الفن "" . "