لقد تميزت الحركة الطالبية التونسية خلال العهد الاستعماري، ثم في عهد الاستقلال، بحركيتها وطلائعيتها واستمرارها فضلا عن مواقفها الوطنية. وكانت بالفعل المشتل الذي احتضن النخبة السياسية والثقافية والفكرية التي وضعت بصماتها في سجل تاريخنا المعاصر. وربما لم تفعل حركة طالبية أخرى –في محيطنا على الأقل- مثل ما فعلته الحركة الطالبية التونسية، سواء في مواجهة الاستعمار الفرنسي أو في ظل دولة الاستقلال. إلا أن الدارس للتاريخ الطالبي لا يمكنه أن يتغاضى عن المسارات الفردية للقيادات الطلابية التي برزت سواء في الساحة الزيتونية أو الجامعات العصرية، ومصائرها بعد حصولها على الشهادات العليا ومغادرتها للساحة الجامعية. ولعله من المفارقة أن نلاحظ أن الصفوة من تلك القيادات، ممن حظوا بالمكانة الأبرز، وكان لهم دور كبير في التخطيط للحراك الطالبي، وفي التوجيه والتأثير على رفاقهم الطلبة، لم يتمكنوا عامة –خلافا للتوقعات الأولية- من تبوأ المكانة التي كان من المفترض أن يتبوؤوها في الساحة العامة. وبقوا اضطرارا أو اختيارا مرتبطين بماضيهم القيادي في صفوف الطلبة، يسترجعونه لأنفسهم أو لذويهم أو يُحاسَبون عليه من قبل المتحكمين في الشأن العام.