يشتمل الكتاب على دراسة تأريخ أوربا في العصور الوسطى، وهو تأريخ امتدَّ على أرض القارة الأوربية أكثر من ألف عام. وقد شهدت هذه الفترة تطورات عديدة في كافة المجالات، نقلتنا عبر الزمن من التأريخ القديم الى التأريخ الحديث. وخلال هذه الفترة الطويلة تحركت قبائل من أقصى الشمال الى الجنوب، ومن الشرق الى الغرب، وقامت دول وسقطت، وقامت أُخرى وبقيت، وكان لكل دولة منها سياستها وحضارتها.حاولنا في هذا الكتاب أن نبرز أهم معالم تأريخ أوربا في العصور الوسطى، وهي اعتناق المسيحية بدلاً من الوثنية، ونزوح العناصر البربرية الى داخل أوربا، وإقامة ممالك على أنقاض الإمبراطورية الرومانية في الغرب، وظهور الإقطاع، والحروب الصليبية، والحياة الاقتصادية والثقافية والاجتماعية في أوربا إبان تلك الفترة.عندما كانت الغارات البربرية تجتاح أوربا كانت هناك معالم خاصة بتلك الفترة، وبعد استقرار الأوضاع نسبياً في نهاية القرن الثامن وأوائل القرن التاسع ظهرت حضارة ومعالم أكثر وضوحاً وتقدماً عن سابقتها. وفي القرن الثاني عشر برزت حضارة أكثر تقدماً.بدراستنا لتأريخ أوربا في العصور الوسطى نجد أنَّ العالم الوسيط كان يسير وفقاً لما تراه الكنيسة، وبالقدر الذي تسمح به، ولكننا في الوقت نفسه نرى تقدماً فكرياً رائعاً في نهاية العصور الوسطى. وعلى سبيل المثال عندما نأدّى البعض في القرن الثالث عشر - خاصة رجال القانون في فرنسا الذين حلو محل رجال الدين في إدارة الدولة - بإقامة محكمة دولية للنظر في الخلافات التي تقع بين الدول وبعضها، كما نادوا أيضاً بإعطاء المرأة حقوقها السياسية. وفي هذه المرحلة أيضاً نأدّى بعض الملوك بأن ما يمس الناس جميعا يجب أن يوافق عليه الناس جميعاً، ومن هنا كانت نشأة البرلمانات