"اللغة بكل ما تحويه هذه الكلمة من رموز وإشارات؛ هي في عقول البشر على اختلافهم حدث كبير يدفع الباحثين فيها – على اختلاف عصورهم وأوطانهم وتخصصاتهم – إلى الدخول في أغوارها، لمعرفة ما وراء كل لفظة منطوقة أو مكتوبة من دوافع أوجدتها ومواقف ألجأت الإنسان إليها؛ فاستخدمها في حواراته وكتاباته، فعبر بها عن كل ما في نفسه، ودائماً تقف خلف هذه الكلمة دوافع مختلفة تجعله ينطق بهذه دون غيرها، ويسكت عن تلك .إن هذه العملية – الاختيار بين الألفاظ – تتم في منقطة معينة هي عقل الإنسان، ويشترك في هذا العمل علمان من العلوم الإنسانية هما: علم النفس وعلم اللغة، علم يبحث في التفكير الإنساني، وعلم يبحث في اللغة التي ينطق بها الإنسان وأنسب الألفاظ للتعبير عن ذلك التفكير .فخلف عملية الكلام تقف عمليات عقلية كثيرة، منها الدوافع والتفكير والتذكر والتعلم وغيرها من العمليات العقلية، وهنا يبدأ عمل (علم النفس) الذي يدرس تلك العمليات العقلية ودوافعها لاختيار تلك الألفاظ دون غيرها، يعاونه في ذلك علم الأعصاب الذي يقوم بالتنفيذ الكامل لتلك العمليات العقلية منذ بدايتها من مجرد مثير داخلي أو خارجي تدركه الحواس؛ فتنقله خلاياها العصبية إلى مركز العمليات العقلية في الدماغ (المخ) إلى أن يتحول إلى سلوك هو استجابة لتلك الدوافع التي أوجدته."