"حين لمحت على وجهي علامات التردد وأنا أقف على باب الغرفة وقد أمسكت طرف الباب بيدي , أمرتني بلهجة حازمة بالدخول وإغلاق الباب , فهي رئيستي في العمل وبالتالي لم يكن في استطاعتي إلا أن أطيع مادام الأمر لم يتعد حدود العلاقة بين عامل ورئيسه , كان وجهي يحمل من علامات الخوف والرهبة ما عبرت عنه ارتعاشة يدي وهي تمسك بمقبض الباب لتغلقه , وجدتني وهي وحيدين وقد أٌغْلِقَ علينا باب واحد .توقعت في البداية أنها ترغب في تأنيبي على انفراد بسبب تقصيري في تنظيف أرضية الحمام التي كنت قد انتهيت لتوي من تلميعها , ولكن وَجَدْتٌهَا بعد أن ألقت نظرة سريعة على كل شيء , تجلس على طرف السرير الأنيق الذي يتوسط الغرفة وقد وضعت ساقاً فوق الأخرى , ثم راحت تحدق داخل عيناي وساقاها المكشوفتان جعلتا ما يشبه تياراً كهربائياً يسري في أوصالي. شعرت بجفاف يٌداهم حلقي وأنا أقف وقد احتواني إحساس بالتبلد والبلاهة, ولكنها حين ابتسمت أضاءت أمامي الجزء الأكبر من أبعاد اللحظة التي أواجهها. أحسست بنداء أخرس يلوح خلف ابتسامتها فلم أجد لدىَّ سوى ابتسامة غبية انفرجت عنها شفتاي دون أن أبرح مكاني خلف باب الغرفة الذي أغلقته من لحظات."