نصوص من النثرالشعري : (هذا ليس شعراً)

ebook

By حسن عبد الرازق منصور

cover image of نصوص من النثرالشعري : (هذا ليس شعراً)

Sign up to save your library

With an OverDrive account, you can save your favorite libraries for at-a-glance information about availability. Find out more about OverDrive accounts.

   Not today

Find this title in Libby, the library reading app by OverDrive.

Download Libby on the App Store Download Libby on Google Play

Search for a digital library with this title

Title found at these libraries:

Library Name Distance
Loading...

على مدى تاريخ الأدب العربي ـ شعره ونثره ـ كانت هناك أسس ثابتة وملامح متغيّرة ، فالأدب في هذا المجال شبيه بالوجه الإنسانيّ الذي تبقى صفاته الأساسيّة ثابتة رغم مرور الزمن، ولكن ربما تتغيّر الملامح؛ فهو نفسه الذي يبدو وجهَ طفل ثم وجه فتى مراهق فشابٍّ مكتمل، ثم وجهَ إنسان ناضج تستقر ملامحه .. ولن نستمر لنقول حتى يموت، لأننا لا نريد التشاؤم والقول بأن الأدب العربي مات أو سيموت، وإن كان يمرّ بأدوار متعاقبة من العلل القاتلة أو الخفيفة. ,كان الشعر هو الصّورة التي رسمها الإنسان العربي لمشاعره منذ فجر مبكر، وقد وصل إلينا هذا الشعر فرأينا أنه كامل المواصفات منذ أن عرفناه متمثلاً في شعر الجاهلية التي سبقت العصر الإسلامي. ولكن التغيّر والتطوّر هو السّنّة المعروفة الجارية في هذه الدنيا، وهي سنّة لا مناص منها أمام كلّ من في هذا العالم الذي سمّاه الفلاسفة القدامى (عالم الكون والفساد). ,تطوّر الشعر ودخلته أشياء لم يكن يعرفها من قبل سواء في الشكل أو في المضمون، وكان التركيز والاهتمام ينصب على المضمون بصورة منطقيّة طبيعيّة غير متكلفة ؛ بمعنى أن ما كان يدور في الحياة من تطوّرات جديدة وأحداث طارئة كان الشعر يعكس صورتها بأمانة، ونعني بصورتها شيئين ، الأول منهما : صورة وصفية فنية لها ، والشيء الثاني: ,صورة الواقع النفسي المتفاعل مع هذه الأحداث، سواء كان الواقع النفسي للشاعر ذاته أو الواقع النفسي لأناس آخرين أورد ذكرهم الشاعر في عمله الشعري المتعلق بذلك. وليس معنى هذا أن الشعر كان مسطحاً أو ساذجاً؛ بل لقد ورد فيه ما يدل على العبقرية المبتكرة للصور الجميلة والأساليب الفنية التي تأخذ بالألباب وتأسر القلوب وتحلق بها في آفاق ساحرة رحيبة. ,وقد كان ذلك كله لأن الشعر ـ ببساطة شديدة ـ كان صادقاً كل الصّدق ويعبّر عن مشاعر الإنسان ومعاناته دون مواربة ودون حرج أو افتعال أو تكلف، ودون خوف من ملامة ناقد متنطّع يحمل فكرة معوجّة أو نظريّة منتحلة. فكان الشعر ملتصقاً بالحياة، معبّراً عن شؤون الأحياء وتفكيرهم ومشاعرهم بصدق وعفويّة، متفاعلاً مع أجوائهم وظروفهم وتحرّكاتهم وسكناتهم ومَحْياهم ومماتهم، فكان بذلك ديوان العرب حقّاً، أي السجلّ الذي يحوي كل ما يتعلّق بالعرب ممّا يصدر منهم أو يدور حولهم ممتزجاًـ بل مجبولاًـ بمشاعرهم وأحاسيسهم وتفكيرهم.

نصوص من النثرالشعري : (هذا ليس شعراً)