تقييم الأثر البيئي لمشروعات التنمية والقرارات من المنظور الاجتماعي
ebook ∣ دراسة نظرية ميدانية
By حاتم عبد المنعم أحمد عبد اللطيف

Sign up to save your library
With an OverDrive account, you can save your favorite libraries for at-a-glance information about availability. Find out more about OverDrive accounts.
Find this title in Libby, the library reading app by OverDrive.

Search for a digital library with this title
Title found at these libraries:
Library Name | Distance |
---|---|
Loading... |
لا يحدث سوى مرَّة واحدة في كلّ قرن أن تستطيعَ إحدى القضايا المهمَّة أن تفرض نفسها على الناس جميعًا من مختلف الأجناس والطبقات والأديان، ولقد أصبحت مشكلة البيئة الفيزيقيَّة التي نعيش فيها إحدى هذه القضايا؟. ((وليم روكلهاوس)),شهدت السَّنوات الأخيرة في مصر والعالم على صحَّة هذه المقولة من خلال الاهتمام الواسع النطاق، وعلى كافة المستويات بقضايا البيئة ومشكلاتها ووسائل الحدِّ من هذه المشكلات وحماية البيئة، ولقد انعكس هذا الاهتمام في عدّة أمور متكاملة وهي:,الأمر الأوّل: اهتمام معظم دول العالم إن لم يكن جميعها بقضايا البيئة ومشكلاتها، ولقد تجلى ذلك في مؤتمر قمَّة الأرض في ريودو جانيرو عام 1992 بالبرازيل، حيث احتشدَ أكبر عدد من رؤساء وزعماء العالم معًا لأوَّل مرَّة لمناقشة قضايا البيئة، وما تبعَ ذلك من تعدُّد هذه المؤتمرات.,الأمر الثاني: هو اهتمام العلماء والمنظمات العلميَّة بقضايا البيئة، ولقد انعكسَ ذلك في عدّة صور منها عقد المؤتمرات والندوات العلميَّة التي تعالج قضايا البيئة في مختلف بلدان العالم، ومن هذه البلدان مصر، ومن جانب آخر انعكسَ اهتمام العلماء بقضايا البيئة في كثرة الكتابات والمؤلفات والمقرَّرات والمقالات التي تتناول قضايا البيئة وظهور الأقسام والكليَّات والمعاهد البحثيَّة المتخصِّصة.,الأمر الثالث: هو اهتمام الشّعوب والمواطنين بقضايا البيئة، حيث انعقدت الكثير من المؤتمرات والندوات الشَّعبيَّة للمنظمات غير الحكوميَّة في مختلف بلدان العالم ومنها مصر، وانعكسَ الاهتمام الشَّعبي والرَّسمي في ظهور وزارات وأجهزة وإدارات البيئة في معظم بلدان العالم.,ونتيجة لكلِّ ما سبق أصبحت قضيَّة البيئة قضيَّة مجتمعيَّة تمسّ المجتمعَ وجميع أفراده، وأصبحت البيئة مسئوليّة المجتمع بجميع أفراده ومؤسَّساته ومنظماته، ومن ثمَّ ارتبطت البيئة بمختلف مجالات الحياة المختلفة، فالبيئة ترتبط بمسكن الإنسان وعمله وصحَّته وأسرته ومجتمعه، ومن هنا توثقت علاقة للبيئة بالتنمية في كافة صورها وأبعادها، ولقد أجمعَ العلماء على أنَّ أسلوب التنمية، وخاصَّة الذي ارتبطَ بالثورة الصِّناعيَّة وما بعدها انعكسَ بشكل سلبي على البيئة، بحيث يمكن القول إنّ تنفيذ أي مشروعات تنمويَّة كبرى تؤدِّي لحدوث انعكاسات سلبيَّة على البيئة غالبًا، ومن هنا ظهرت مشكلة التناقض بين البيئة والتنمية، فالإسراع في التنمية كما حدث بعد الثورة الصِّناعيَّة انعكسَ سلبيًّا على البيئة، حيث استنزفت كثيرًا من الموارد البيئيَّة وزادَ التلوّث، ويؤكِّد العلماء على أنَّ البشريَّة استنزفتْ من الموارد البيئيَّة منذ الثورة الصّناعيَّة حتى الآن أكثر ممَّا استنزفت منذ بدء الخليقة إلى قيام الثورة الصّناعيَّة، وهذا أدَّى بالتالي إلى تلوّث البيئة بشكل أكبر أيضًا ممَّا حدثَ منذ بدء الخليقة، وكلّ ذلك انعكسَ على حدوث خلل في التوازن البيئي في شكل مشكلات مثل ثقب الأوزون والصّوبة الزّجاجيَّة وزيادة معدّلات الكوارث الطبيعيَّة وتغيّرات المناخ وخلافه؛ ولذلك نادَى العلماء بضرورة إعادة النظر في أسلوب التنمية حتى تتوافق مع البيئة،