إن هذا الجهد الثقافي الكبير للكاتب المبدع هشام عودة، صاحب الموقف والقضية؛ لا يأتي في إطار التوثيق للإنجازات التي حققتها شخصية فنية متميزة وأرشفتها، بل هو استعراض أكاديمي اعتمد التحليل العلمي لمسيرة عبقري أثرى الثقافة الموسيقية العربية، وأسهم مع مجموعة من الفنانين الكبار في تصحيح مسارها ضمن حقبة زمنية تُعدّ من أصعب الحقب التي واجهتها الأمة العربية خلال القرن العشرين.,كنت دائماً أفكر، وأتساءل: هل كان قدوم روحي الخماش إلى العراق محض صدفة، أم ضرورة حتمية، أم قدراً إلهياً من شأنه أن يُرمم خللاً أحدثته طبيعة الظروف المهولة ونتائجها الكارثية، ففي الوقت الذي هاجرت عن بغداد مجموعة من الموسيقيين (اليهود المهاجرين) الذين كانوا قادة الموسيقى وروادها المسيطرين على مقاليدها منذ عقود طويلة، أقول، في ذات الوقت الذي وصل فيه هؤلاء الموسيقيون إلى قلب الأمة العربية ـ فلسطين؛ ينطلق من ذلك القلب فنان شاب متسلح بالعلم والمعرفة الأكاديمية الرصينة نحو بغداد الرشيد، فيمثل قدومه إليها تحقيق حُلم العباسيين بعودة زرياب وبهائه.