لا يخلو كتاب من كتب الغزالي من تأويل أو قول في التأويل. ولا نبالغ إن قلنا إن حياة حجة الإسلام في جميع مراحلها ومختلف وجوهها كانت تدور حول مسألة التعامل مع النصوص وما تطرحه من قضايا الفهم والتأويل. وسواء فهمنا التأويل في معناه "الضيّق " الشائع باعتباره مربوطا بجنس مخصوص من الخطابات فيها قصد إلى التشابه والغموض يحوّل العلامات اللّغويّة إلى رموز دون أن تفقد طابعها العلاميّ بسبب انتمائها إلى نظام أو فهمناه في معناه "الواسع"1 الذي يقوم على أنّ علاقة الإنسان بالعالم علاقة رمزيّة مبنية على الاستدلال بوجهه اللّساني والعلاميّ وفي صورته البرهانية فإنّ جوهر القضايا هنا وهناك وبؤرتها التّي منها تنطلق وإليها تعود هو اللغة باعتبارها "الوسيط" الذي يحتضن التجربة التأويليّة والمدار الذي يلتقي فيه الإنسان بذاته وبالعالم عبر العلامة وفي العلامة.