تعتبر المؤسسات السياسية من المواضيع التي تطرح نفسها بشدة خلال هذه المرحلة الانتقالية، من هنا تتأتى أهمية هذا البحث في إنارة المختصين والمهتمين بها، وذلك بجمعها في مرجع واحد باعتماد مفهوم وتقسيم حديث للمؤسسات السياسية التونسية، تقطع مع المفاهيم السابقة التي تحصر المؤسسات السياسية في المؤسسات الدستورية فقط. تم تقسيم المؤسسات السياسية إلى صنفين: الصنف الأول المؤسسات السياسية المؤسسة للسلطة، وهي مصدر بقية المؤسسات ومنها تستمد مشروعيتها. الصنف الثاني المؤسسات السياسية المسيرة للسلطة، وتنقسم بدورها إلى المؤسسات السياسية الرسمية والمؤسسات السياسية الفعلية كالأحزاب السياسية وجماعات الضغط. بما أنه في المرحلة الانتقالية كثرت التناقضات وتفاقمت داخل المنظومة القانونية إلى درجة فقدت أحيانا طابعها المؤسساتي، سهل عندها « شخصنة» المؤسسة ، أي جعلها خاضعة لإرادة الشخص المنشئ لها أو مسيّرها، خاصة إذا اعتبرنا أن جلّ هذه المؤسسات أحيانا مؤقتة وأحيانا قائمة بقوّة الأمر الواقع فالحكومات مؤقتة والرئاسة مؤقتة واللجان والهيئات مؤقتة والقوانين مؤقتة. تطرق هذا البحث إلى دراسة المؤسسات السياسية التي عرفتها المرحلة الانتقالية التونسية التي ستبقى متواصلة نظريا إلى حين دخول المؤسسات السياسية للدستور الجديد للجمهورية الثانية حيز التنفيذ والتي سيتم التطرق إليها لاحقا في جزء ثان تحت نفس العنوان...