العنف هو ذلك الواقع المزري الكريه، هو الظل الداكن المدمر الذي يخترق أعماق النفوس ويهشم المشاعر الرقيقة، لتتشكل عند كل إنسان مرهف الإحساس نوبات من الألم ومن القلق والكآبة، وهذا التوتر ليس إلا تعبيراً عن رفض القسوة والإجرام. ولكن ما الذي يجعل سلوكيات العنف تتزايد، فنرى المجتمعات تغرق في عشوائية القسوة، والمحصلة مزيداً من الرعب، مزيداً من الدماء، ومزيداً من الإحباط. فلا يمكن لأي إنسان عَرِفَ معنى الإنسانية أن يبقى منشغلاً بأموره السطحية متناسياً هذا الواقع المذموم ! فقضية العنف تهم كل الناس والجماعات والمؤسسات والدول، الكل مسؤول عن تنامي العنف والتطرف؛ ولا أحد يضمن سلامته أمام هذا الواقع المزري، وهذا الجنون. ولكن على ما يبدو أن الإنسان أصابه الغرور، وتحكمت في مصيره الأنانية، وبات العالم محكوم بقوانين الغابة، ولعل قوانين الغابة أرحم بكثير من هذه العِدائية ومن هذا الحقد المدمر، وهذا العنف الكريه الرائحة والصورة، هذا العنف المُقَنّع المتخفي خلف شعارات مضَلِلة، فكم من الحروب التي حصدت المئات من الأبرياء والعزل اندلعت على وقع خُطب تنادي بحقوق الإنسان والديمقراطية والحرية. وأي حرية!. وما هذه البندقية -التي تُقدم للشعوب كهدية- إلا كالطعم الذي يُقدم للسمكة، فواهب السلاح له غايات ومصالح ذاتية، ولن يقيم وزناً لنفوس بريئة قد تزهق.,ومن منا لا يأسف، أو لا يتأثر، أمام هذا الكم من مشاهد العنف، وكيف يمكن أن تصبح أخبار القتل والدماء! أصداء، كل يوم بلا خجل تتردد.