الرملة البيضاء

ebook

By ذكريات سكندري

cover image of الرملة البيضاء

Sign up to save your library

With an OverDrive account, you can save your favorite libraries for at-a-glance information about availability. Find out more about OverDrive accounts.

   Not today

Find this title in Libby, the library reading app by OverDrive.

Download Libby on the App Store Download Libby on Google Play

Search for a digital library with this title

Title found at these libraries:

Library Name Distance
Loading...

الرملة البيضاء، شاطئ الميناء الغربي لمدينة الإسكندرية، خلفه مباشرة فنار المدينة الذي يهدي السفن إليها، وبجواره جزيرة رأس التين حيث قصر الملك، وهذا الشاطئ الساحر الصغير المفروش بالرمال الناصعة البياض مجرد جزيرة صغيرة تصل إليها بالمراكب الشراعية، ولم يكن يذهب للاستمتاع برمالها ومياهها الصافية إلا عدد قليل من الناس ممن يعرفون سر هذه البقعة التي تتوسط ميناء السفن الصاخب. كان معظمهم أجانب في ذلك الزمن نهاية الأربعينات من القرن الماضي، كنت وقتها طفلًا صغيرًا في السادسة أو السابعة من عمري وكان جدي إبراهيم – الذي يعمل قهوجيًا بمقهى الحاج مصطفى الجريتلي المواجه لباب خمسة بالجمرك – يسلمني لريس المركب الشراعي وفي رعايته ليذهب بي إلى الرملة البيضاء للفُسحة، ثم يعود بي مرة أخرى إلى المقهى، كنت أقبع داخل المركب خائفًا من البحر، خجلًا من الناس، تغمرني رائحة الميناء، مستمتعًا بالسفن الضخمة وتراقص المراكب الشراعية (الكوتر) بينها، وهي تنطلق في سباق جميل ناحية منطقة الرملة البيضاء. كنت أرى الأجانب ومعظمهم إما يونانيون أو طلاينة يستحمون ويلعبون بحرية ومرح، كانت النساء العاريات يداعبنني برش رزاز الماء تجاهي وأنا ممسك بحبال المركب متشبثًا بها، كانت أجسادهن شاهقة البياض رائعة الجمال كحوريات البحر الساحرات، كان بياضهن مع بياض الرمال يشع ضوءًا وبهجة تغمرني وتجعلني في نشوة ما زالت حتى اليوم تعتريني كلما تذكرت هذا المشهد، وما زالت الرمال البيضاء في كياني وروحي وقلبي، منذ ذلك الزمن البعيد امتلأت بالنقاء والحب وظللت ذلك الملاك الصغير المتشبِّث بحبال الشراع، المنتظر العودة للديار، الذي يرى ويستمتع بكل شيء إلى أن يحين وقت الرحيل الأكبر، فينطلق ويطير.

الرملة البيضاء