يرجع تاريخ الاهتمام بالمستقبل إلى البدايات الاولى للتطلع البشري إلى المعرفة الشاملة بالكون واستكناه غوامضه وأسراره، حيث لاحظ الإنسان البدائي ما حوله من مظاهر الطبيعة وغرائبها وتضاريسها وزلازلها وحركة كواكبها، وعجائب الحيوان والنبات، ثم لاحظ ذاته فوجدها فضاء مليئاً بالتساؤلات التى تتزاحم وتتراكم، كلما تقدم الزمن وتوغل أكثر من تجاربه مع الطبيعة ومع أخيه الإنسان، ومن لحظات الوعي والتأمل راح يتجه نحو ذاته ليؤلف ويربط بين الأحداث والظواهر المتكررة ليخرج بنتائج جديدة، لكنه بقى فى حيرة أمام المستقبل المجهول الذي يشعر بأنه قد يداهمه بالمستجدات، وعندها يجد سبيلاً للخروج منها، وقد شكل هذا التفكير و المعاناة كابوساً خالياً لا ينفك عنه، ورأى أنه لابد من التوقف عنده ودراسته، كما تحسب لاحتمال تعرض جهوده وأمجاده وما يؤسسه اليوم للإنهيار غداً، وبهذا استنفز قواه الداخلية وعاش حالة من الترقب والحيطة والحذر، ثم أخذ يبحث عن وسائل وخطط التأمين لمستقبله.