لقد نال الاستدلال قدراً كبيراً من الاهتمام عند علماء النفس والمنطق والفلسفة منذ زمن بعيد حيث استعمال الإنسان منهج التفكير الاستنباطي للتحقق من صدق المعرفة الجديدة بقياسها على معرفة أخرى سابقة من خلال افتراض صحة المعرفة السابقة وإيجاد العلاقة بينهما وبين المعرفة الجديدة والمعرفة السابقة تسمى مقدمة والمعرفة اللاحقة تسمى نتيجة ويعرف ذلك بالاستدلال أو استنباط معرفة جزئية من الكلية، وقد كتب الفيلسوف اليوناني الشهير أرسطو (384- 321ق.م) عن القياس المنطقي وعدّه آلة التفكير الفلسفي وعندما نقل علماء المسلمين التراث العلمي والفلسفي اليوناني اخذوا يختبرونه بالاعتماد على منهج القياس نفسه. أما ابن سينا الذي تبنى منهج القياس الارسطي ثم عاد فنقضه ووضع أسس منطق جديد سماه (منطق المشرفين) إذ نحى فيه منحى استقرائيا تجريبياً، أما فيما يتعلق بمنهج التفكير الاستقرائي فهو المنهج الذي يستعمله الإنسان للتثبت من صدق المعرفة الجزئية بالاعتماد على الملاحظة والتجربة الحسية (أبو حطب، 1972، 108) إذ تتجاهل المؤسسات التربوية الاهتمام بالعمليات العقلية وتطويرها مقتصرة في تدريبهم على حفظ المعلومات وتسميعها عن ظهر قلب واجتياز الامتحانات المدرسية التي لم تعد أسلوباً فعالاً في تحقيق الأهداف المعرفية ومدى استيعاب المادة العلمية والاستفادة منها وتطبيقها في الحياة العملية فضلاً عن عمليات التحليل والتركيب والتقويم...الخ.