كسفينة تقل المعنى من شواطئ الحقيقة إلى شواطئ المجاز ترتخي هذه القصائد الصغيرة في فراغ الإنسان الممتد في إنسانيته والوطن النائم في رئة المأساة، وتنشطر في وجع الخيال العربي لتبتكر لنفسها شققا مفروشة بين أحزان الذات وتشققات الواقع، بين أصدق الشعر وأكذبه، وبين التراثية والحداثية.,تلك القصائد هي مستحضر طبيعي من ملح الخارج البربري وسكر الداخل الطفولي., هي محاولة أخرى للعبور من جسد الروح، هي آخر ما بقي لي -كشاعر طفيلي- من مطر، ومن ضوء، ومن جسر خشبي يمتد بين القارئ والقارئ، فيد الشعر لا تزال تغوص في كهوفنا القديمة تستخرج في كل مرة بعضا من ياقوتنا المخبوء، وهي اليد نفسها تمسح ضباب المأساة التي تحتضن العجوز المسماة بالعروبة كما تمسح اليد الباردة زجاج السيارة في ربيع الشتاء., سأحاول جاهدا في هذه القصائد أن أعود إلى طفولة القصيدة الأولى التي لم تعرف القديم والجديد., سأحاول أن أفصل رأس الإشكالية الفلسفية عن جسدها، ومع أنني لا يمكن أن أقبل بأن ألطخ يدي بدم الشعر إلا أنني أرفض أن يأخذ الشعر شكل الباباوات والقديسين فهو وإن كان طفلا فإنه يحتاج دائما إلى أبوين ومعلم وأحيانا إلى سيف حجاجي ورمح جاهلي مسموم، فبموقفها من الشعر تعرف الأشياء.