لا يمكن أن يسود الأمن والاستقرار أي مجتمع بشري إلا أن يسوس أمره قائد يقوم على تسييره والفصل بين أتباعه، ولا بد لهذا القائد من أعوان له في أداء مهام عمله، وهذه هي طبيعة كل المجتمعات البشرية من يوم أن خلق الله سبحانه وتعالى الخلق، ومن هؤلاء الأعوان أجهزة الضبط والتحقيق الجنائي والقضاء.,فلا تخلو دولة من دول العالم من هذين الجهازين، ولا بد لهذين الجهازين من أن يقوما بضبط الجرائم والمجرمين وكل ما يتعلق بها، أو يكون موصلًا لإظهار الحقيقة، وأن أي تقصير أو تهاون أو خطأ يؤثر تأثيرًا سلبيًّا على هذه الحقيقة، إما بتأخير ظهورها أو بعدم ظهورها.,والمتتبع للواقع الجنائي يجد أن كثيرًا من الإشكالات التي تعترضه أو تعتريه قد تؤثر على سير تحقيق العدالة في أي قضية معروضة أمامه، وسواء كانت هذه الإشكالات خارجة عن إرادة رجال الضبط والتحقيق، أو داخلة ضمنها.,ويحاول المؤلف في هذا الكتاب تسليط الضوء على واقع التحقيق الجنائي، وما تعتريه من إشكالات من حيث التطبيق العملي لرجال الضبط ورجال التحقيق الجنائي، وكيف تؤثر على التحقيق الجنائي، وما قد يترتب عليها من آثار في المجتمع الذي تحدث فيه.,إن الهدف الذي ينشده المؤلف من خلال هذه الدراسة هو معرفة هذه الإشكالات لتجنبها ومعالجتها، والوصول بالتحقيق الجنائي إلى ذلك الفن الذي يمتاز بالدقة والحرفية المتناهية.,كما أنه عرَّج على القضاء تعريجًا سريعًا، ملتمسًا من خلاله تسليط بعض الضوء على ما قد يلاحظ على الأحكام الصادرة في القضايا التي شملتها الدراسة، وما قد يكون إسهامًا في الرقي بالمستوى المعرفي لدى القضاة.,وقد جعل المؤلف هذه الدراسة تتمحور على ستة فصول وخاتمة: الأول: تعريف التحقيق الجنائي وإجراءاته ومفهومه وبيان سبب بحث هذا الموضوع. الثاني: إشكالات إجراءات التحقيق الجنائي بوجه العموم. الثالث: إشكالات إجراءات التحقيق تحديدًا من تلقي البلاغ إلى الإحالة للمحاكمة. الرابع: مرحلة المحاكمة. الخامس: الآثار المترتبة على إشكالات إجراءات التحقيق الجنائي. السادس: القواعد العامة لرجال الضبط والتحقيق الجنائي في نظام الإجراءات الجزائية.