لقد خلق الله ـ سبحانه وتعالى ـ الإنسان ليكون خليفته فى الأرض، وكرمه على سائر المخلوقات، فزوده بتلك القدرات العقلية التى تساعده وتعينه على تحقيق الهدف من خلقه، وهو ينفرد بها دون بقية المخلوقات.,ومعنى ذلك أن الإنسان وما يملكه من قدرات ومواهب يعد الثروة الحقيقية لأى مجتمع، ذلك لأن الثروات الطبيعية ـ مهما كثرت ـ تظل عديمة القيمة ما لم تتوافر القدرات والمواهب البشرية القادرة على استغلالها واستثمارها.,ويقول توماس وولف Thomas Walfe إذا توافرت لدى الفرد موهبة معينة، ولم يستطع تنميتها واستخدامها، يكون قد فشل فى حياته، وإذا استخدم نصفها فقط، يكون قد فشل جزئيًّا. أما إذا كانت لديه موهبة، وتعلم كيف ينميها ويستخدمها بصورة مناسبة، يكون قد حقق نجاحًا كبيرًا فى حياته، فضلًا عن وصوله إلى مستوى من الرضا لم يحققه سوى القليل من الناس.,وعلى مدى التاريخ الإنسانى الطويل قدم أشخاص موهوبون الكثير من الإسهامات المتميزة بالأصالة والإبداع انعكست أهميتها على تقدم الحياة الإنسانية فى كافة مجالات الحياة. وكما هو معروف، فإن حاجة المجتمعات إلى العلماء والمبدعين لم ولن تتوقف، الأمر الذى يفرض إتاحة الفرص أمام كل طفل متفوق أو موهوب أيما كان مجال موهبته لتحقيق أقصى ما تمكنه له قدراته وإمكاناته.,ويعتمد تقدم المجتمع إلى حد كبير على أعمال وإنجازات أعضائه الأكثر قدرة وكفاءة. والمجتمع الذى لا يتمكن من رعاية القدرات والمواهب العالية التى يمتلكها أطفاله وشبابه من الموهوبين سوف يفشل فى تحقيق الواجبات المترتبة لهؤلاء الشباب والأطفال، ولنفسه. والتأكيد على أنه يجب أن تتاح لكل فرد الفرصة لتطوير إمكاناته إلى الحد الأعلى الذى يستطيع الوصول إليه هو قضية مسلَّم بها فى المجتمعات المتقدمة.,فالفوائد التى يمكن أن تعود على الفرد والمجتمع من الاكتشاف المبكر لهؤلاء الموهوبين ورعايتهم أمر معترف به، ولا يمكن إنكاره؛ حيث إن الإنجازات التى يمكن أن يحققها الموهوبون تزيد عن تلك التى يحققها عدد مماثل من العاديين سواءً من الناحية الكمية أو الكيفية.,