,قبل أن تأتي تلك المرأة، لم يكن الصبي قد باع كتابًا واحدًا.,كانت بسطة الكتب منصوبة داخل الحديقة .. إنها حديقة عامة ومجانية، وهي أيضًا أقدم وأكبر حديقة في هذه المدينة .. لا تزال تحتفظ على الداوم بشعبيتها ورواجها. وفي عطلة نهاية الأسبوع، يزيد عدد زوارها، إلا أنهم يكونون مجموعات تتكون من ثلاثة أو خمسة أفراد يغنون ويمزحون، إذا ما وقف أحدهم أمام البسطة يقلب في بعض الكتب، وسرعان ما يسحبه أحدهم من أمامها. ,الساعة الثانية بعد الظهر، ولم يتمكن الصبي من بيع كتاب واحد، فأحس ببعض القلق. كانت بسطة الكتب مفروشة تحت شجرة من أشجار صفيراء اليابان، البسطة عبارة عن سرير مخيم عسكري، فرش عليه الصبي ملاءة مربعة ذات لونين؛ أزرق وأبيض، ووضع أعلاها بضعًا وأربعين كتابًا. كان الهواء يعبق برائحة زكية خفيفة لحبر وورق، وأشعة شمس منتصف النهار الحارة تنساب بين الأغصان، وتنعكس مكونة نقاطًا مضيئة، وبدت الكتب وكأنها ذبلت بسبب حرارة الشمس. نهض الصبي بحزن ودار دورة، ثم عاد ليجلس على المقعد الصغير أسفل الشجرة.,في تلك اللحظة رآها الصبي. وكان من النادر أن ترى شخصًا يتمشى في الحديقة بمفرده في عطلة نهاية الأسبوع. ووسط ذلك السيل من الناس، كانت تلك المرأة تلفت النظر. تبدو من بعيد غضة القامة، ولأنها بمفردها، فقد بدت منطوية على نفسها، وكأنها كائن غريب دخل بالخطأ بين مجموعة أسماك، ولا تستطيع بسبب ذلك السيل من الناس إلا أن تكون مجبرة على السير قُدمًا إلى الأمام. وما أن اقتربت المرأة، حتى استطاع الصبي رؤية فستانها. وأي امرأة ذات مزاج جيد تأتي للتنزه في الحديقة، فعادة تكشف عن شيء من التأنق بكل عناية. إلا أن تلك المرأة لم تكن كذلك. فعلى الرغم من جودة ملابسها، إلا أنها لم تكن مناسبة؛ ففتحة القبة مائلة، وخصر الفستان واسع بعض الشيء ومتجعد. ما لفت نظر الصبي أيضًا هو خطوات المرأة، فقد كانت خطواتها متباطئة للغاية، وكأن أحدًا من الخلف يدفعها للسير، وكانت تضع يدًا أمام صدرها، وتمشي مترنحة، كأنها لا تستطيع المشي.,