إذا كانت دراسة الالتفات في الخطاب القرآني، دراسة لسانية متطورة يعنى بتنوعات الخطاب وتقليبات جهاته على نحو قد يثير فاعلية الزمن في وعي القارئ أو تشكلات الضمير في بؤرة التلقي عنده، فإنه في الوقت نفسه يؤسس لعلم نافذ ورؤية ثاقبة أنجزته مقدمات هذا العلم وتداول على دراسته المبدعون الأفذاذ من علماء العربية لا سيما المعانيون منهم، لذلك خصصنا التمهيد ليمهد لنوع من العلاقة قائمة بين منجزه التراثي وعلائق تكونه الوافد أو مخرجات ذلك على مستوى التطبيق حيال المنهج القرآني. إن أهمية كشف فضاء الالتفات متأتية من وقوف هذه الفكرة على تدارس ظاهرة قرآنية متميزة تستكشف في حسن القراءة لدلالات النص القديم ومن ثم استنطاق بؤر تشكل مركباته في النسق البلاغي وهي حتما ستتسق أو تتوافق كثيراً مع مفاهيم نظريات المقام والمقال، أو لأنها تدعو إلى قراءة ثانية ومتأملة لدلالات ظاهرة الالتفات ومراميه السياقية في محولات دلالية.