يبدأ الكتاب بست عشرة قصة قصيرة ثرية بالإحساس والتفاصيل، مغرقة فى رصد مفرط لحياة أسر مصرية حقيقية، وشباب يواجه مشاعره ولا ينكرها، وحكايات.. حكايات، لا مجرد سرد يفترض فى نفسه التميز وهو جد مزيف، يليها جمل قصيرة محملة بما تتحمله حروفها من فتوح لمن يفهم، ثم ثماني مقالات ترشد من يريد فى الطريق ونيسًا.,,"عشت بين أحضان التفاصيل".. هكذا يقول ناصر عن نفسه فى مقاله "كاتب سيناريو"، مقال غني بكنوز تصلح كدليل لمن هم فى بداية الطريق يحتاجون لدفعة قوية، ولمن هم في منتصف الطريق يريدون التأكد بأن ما يتبعونه هو حلم وليس سرابًا، ولمن سار طويلاً كي يعرف أنه ليس وحده. في المقال الرائع نفسه "كاتب سيناريو" يقول ناصر: "وأن كل حياتك أيها الكاتب هي ملك للحكايات"، وهو ما يبدو جليًا فى كل القصص التي تضمها المجموعة، والتي تقدس من فعل الحكي، دون أن تفقد الحكاية روعتها المتمثلة في الفكرة والكتابة الحلوة، أن تكون حياتك ملك للحكايات، هي نتيجة توصل لها ناصر بعد مشوار طويل وصعب، وربما أنها نتيجة يصل إليها كتاب آخرون لكنهم لا يدركونها، وربما لا يعرفون قيمتها، أويسلمون بأن هذا هو ما اختاره لهم القدر، فيستسلمون سعداء. ثم يكمل ناصر: "وأن تعيش كتابتك ولا تنفصل عن الحكاية حتى تبوح لك بسرها"، و"حتى" هنا حمالة أوجه، فهل يقصد بها ألا ينفصل الكاتب عن حكايته إلى أن تبوح له بالأسرار؟ أم أن يلتصق بها كي تبوح له؟ كلاهما ذو مغذى.. لمن "يفهم"، ثم من أين له بأن للحكاية أسرار؟ ألم أخبركم بأنه إبداع لا يستهان به. "وعليك أن تعلم أن الكتابة عذاب وشقاء وتعب نهايته عذبة حنونة ناعمة"، هكذا يصدم ناصر كل مقبل على الكتابة، وكل محب لها، فهو يبشره بالعذاب والشقاء طالما ارتضى الكتابة طريقًا، لكنه أيضًا يبشره بالنهاية العذبة الحلوة؛ لكن هل من نهاية؟.,