تمثل الظاهرة الانتفاضية في المجتمع الإنساني بوجه عام وفي العالمين العربي والإسلامي بوجه خاص، واحدة من أهم الظواهر السياسية والاجتماعية التي عرفتها البشرية على مدار تاريخها، مازالت قائمة تزداد فاعلية وتواصلاً بصورة تؤكد نماءها وارتقاءها الحضاري وسعيها الدؤوب لتحقيق كامل أهدافها التي تنطلق من أجلها. وهو ما يمثل دافعاً نحو رصد وتحليل الظاهرة الانتفاضية، في إطار النموذج الإنساني، بكافة مكوناتها، وعوامل نشوئها، وسماتها وخصائصها، ووظائفها، وآلياتها، وإنجازاتها، وأبعادها الحضارية، مع مراعاة تفاعل نظامها العضوي مع البيئة المحيطة بها، داخلياً وخارجياً، آخذين في الحسبان الذاكرة الانتفاضية ومراحل تطورها.,مما يجعل الظاهرة الانتفاضية تتحرك وفق عملية دينامية وحضارية تجسد نموذجاً إدراكياً معرفياً بمواصفات مختلفة عن نماذج أخرى سائدة في المحيطين الإقليمي والدولي. من أجل ذلك سنقوم ببناء نموذج انتفاضي نظري نسعى إلى اختباره وتطبيقه بشكل محدود على المستوى العربي دون التقيد بعاملي الزمان والمكان، ساعين إلى إثبات افتراضنا الأساسي أن الظاهرة الانتفاضية ظاهرة إنسانية عرفتها كل المجتمعات الإنسانية في كل العصور والأزمان والأمكنة طالما وجد الظلم والقهر والاستبداد والاستعمار.