لقد استطاع الشاعر الأندلسي أن ينتقيَ قيم الجمال من عنصرين أساسيين، هما: الطبيعة والإنسان (الذات والآخر). فالارتباط وتأثير الذات بالآخر كان من خلال الإحساس والانسجام والتناغم الذي وجد بين الشاعر (الذات) والمتلقي (الآخر). أما الطبيعة فكانت تؤثر في الشاعر من خلال إحساسه بجمالها ومدى ارتباطها بذاته العاشقة لهذا الجمال. فالطبيعة تمتلك قيم الجمال التي تلفت نظر الشاعر إليها فتثير إعجابه واهتمامه من خلال تناسقها وانسجامها وما تحويه من وحدة تؤلف بين تلك الأجزاء المختلفة.,فالشاعر الأندلسي عشق الطبيعة بكل ما فيها، جاعلًا من عناصرها الساكنة والمتحركة قيمًا جمالية خلّدها ومجّدها في شعره، حتى عُرف شعره من خلال إبرازه لقيم الجمال الخاصة بالطبيعة؛ ومن ثَمَّ رأيناه يشركها وجدانه ومشاعره الإنسانية في حبّه وما أحسّه من سعادة وشقاء، جاعلًا الطبيعة بأنواعها وأسمائها مشارِكة له في هذا الإحساس.,ولقد أدى الشاعر معانيَه لقيم الجمال ومفاهيمه من خلال اللغة السهلة الواضحة واللغة الرصينة أيضًا، ونادرًا ما يحتاج القارئ لأشعارهم إلى معجم لغوي يفسّر لغتهم.,وكان أسلوب شعراء الأندلس أسلوبًا خفيفًا على الأسماع والألسن، من خلال استعمالهم لأساليب الطلب والإنشاء بأنواعها المختلفة، وهذا مما كوّن في أشعارهم الأسلوب الجميل الرقيق والقيمة الفنية العالية.,وقد وظّف الشاعر الأندلسي نصوص القرآن والأشعار في شعره؛ مما أعطى لشعره القيمة والجمالية من خلال هذا التوظيف، الذي أضاف البعد الديني والجمالي. وكذلك نجده يقتبس الأمثال والحِكَم وما في التاريخ من أحداث وشخصيات لإضفاء البعدين الحضاري والاجتماعي في عملية الإيصال والتأثير في المتلقي.,كما أن الشاعر الأندلسي قد برع في بناء صُوَره الفنية؛ إذ كان لتصويره جمالية تميزت في وسائل تشكيل الصورة البلاغية من تشبيه واستعارة وكناية، ومستثمرًا الحواس أيضًا؛ إذ كان لتصويره جمالية تميزت في اختياراته للألفاظ والمعاني، فقد لجأ للإيجاز وتكثيف المعاني بأقل الألفاظ من خلال توظيف الأنماط الصورية، فنجد أنها أنماط تحققت من خلالها جمالية متفردة في أشعارهم. فالصورة البصرية والسمعية والشمية... إلخ كان لها فاعليتها ووظيفتها المتميزة، فلم تكن مجرد دلالات حسية حسب، وإنما كانت لها دلالة جمالية ونفسية ووجدانية وذهنية.