ان الوقوف على ثقافة وحضارة أي مجتمع من المجتمعات الانسانية مقرون بالتعرف على ديانة ذلك المجتمع، فالدين قديم قدم الانسان، ونشأته كانت لحاجة عقلية في النوع الانساني، واثاره تتضح في تحديد الاطار الاجتماعي للمجموعة الانسانية بما فيها من معتقدات وطقوس وعبادات تعبر عن ارتباط هذه المجموعة بالوجود، وعليه فان أي محاولة لتغيير بنية العلاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية لمجتمع ما لا تتم الا بتغيير القيم الدينية السائدة في ذلك المجتمع، ومن هنا تبرز اهمية اختيارنا لموضوع الدراسة الموسوم بـ (العبادات الفلكية عند العرب قبل الاسلام)، اذ عرفت شبه الجزيرة العربية قبل الاسلام اشكالاً متعددة للديانات ومنها عبادة النجوم التي نحن بصدد دراستها، وهذه العبادة نشأت دون شك بفعل البيئة الصحراوية التي عاشوا فيها التي الزمتهم الاهتمام بمراقبة النجوم للاهتداء بها في حلهم وترحالهم، وهذا الاهتمام انسحب على تصرفاتهم اليومية مما دعاهم الى الاعتقاد بان لطلوع الكواكب وسقوطها اثر في مجريات الامور في حياتهم لهذا عبدوها رغبة فيها وخشية منها، وهـذه العبـادة دفعت بعض المؤرخين الى القول بان ديانة العرب ديانة فلكية.