لقد عرف الإسلام المخالفين له فى العقيدة ويطلق الفقه المعاصر عليهم "الآخر" وله مفهوم كلي يتسع مدلوله لغويا لكل ما هو غير الذات (أى غير المسلمين)، وغير الذات يشمل كل من له وجود باستثناء الذات المعنية ، وعليه فإن الآخر بالنسبة للإسلام هو كل الكون بمن فيه، بدءا من الإنسان الذي يخالف الإسلام ومرورا بسائر المخلوقات كالحيوان وسائر الأحياء والجمادات .,بيد أن معنى الاستعمال الشائع للفظ " الآخر " يميل إلى حصره في الآخر البشري لشخص معين ، ويتيح مثل هذا المعنى الاستعمالي الشائع تحديد المعنى بعبارة أدق، فيكون الآخر هو الآخر من مختلف فئات البشر ، وربما اختزله البعض أكثر إلى الآخر أي غير المسلم.,ولا شك أن الشرع الإسلامي يتضمن بيانا لموقف الإسلام من الآخر، سواء الآخر بمعناه اللغوي الواسع أو بمعناه الاستعمالي المحدود، بيد أن اهتمام هذا البحث يقتصر على تناول قضية منهج الإسلام في التعامل مع الآخر بالمعنى الاستعمالي المحدود للآخر وهو غير المسلم.,وإن لكل نظام أسسه وقواعده الخاصة التي ينطلق من خلالها فتتشكل بها أحكامه وأنظمته، بحيث تكون هذه الأسس هي الضابط الذي يحكم هذه الأنظمة، فتكون جميعاً منسجمة مع بعضها البعض، لا تنافر فيها ولا تضاد، كما أن هذه هي المميزات التي تميز هذا النظام فتصبغه بصبغة خاصة، تجعله مستقلاً عن غيره من الأنظمة والتشريعات الأخرى، والعلاقات الدولية في الإسلام تحكمها مجموعة من القواعد والأسس الخاصة بها، التي تجمعها جميعاً في وحدة موضوعية واحدة، والتي تجعلها علاقات متفردة عن غيرها بميزاتها وخصائصها، ولا عجب في ذلك، حيث مصدر هذه العلاقات هو الإسلام بكل ما يتميز به عن غيره من التشريعات والقوانين الأرضية الأخرى، وعلى ذلك فإن أسس العلاقات الدولية في الإسلام هي: احترام إنسانية الإنسان ، المساواة بين الناس، التعاون الإنساني، التــسام، الوفاء بالعهد، الحرية، الفضيلة ، العدالة، المعاملة بالمثل.