إن للمعاملات المالية أهمية كبيرة في الإسلام، حيث إنها تُمثِّل خُمُس المادة الفقهية في الإسلام؛ فالفقه الإسلامي ينقسم إلى أقسام خمسةٍ: (العبادات، والمعاملات، والأحوال الشخصية، والقضاء، والسياسة الشرعية)؛ لذلك لا يستقيم إسلامُ مسلمٍ حتّى يُتقِن هذه الخَمْسة، ولا يكتمِلُ اتِّباعُه لهذا الدين حتى يُتقِنَ العملَ بهذا الخُمس كما أتقنَ العمل بالخُمسِ الأوَّل وهو خُمسُ العبادات.,فنحن -المسلمين- نتقرَّبُ إلى الله تعالى بالمعاملات المالية المنضبطة بالشرع، تمامًا كما نتقرّب إلى الله تعالى بالصلاة والصوم وسائر العبادات، ولعلّ رجلًا ينالُ رتبةً عاليةً عند الله تعالى بتجارته وماله، لا بصلاتِه النافلة وصومِه.,وللأسف الشديد، انتشرت السلبيات الأخلاقية في الأسواق التجارية، فصار الكذبُ في مواعيد الاستلام والتسليم ملحَ الرجال، وصار الغِشّ تجارةً ومهارةً، وصار غَبْنُ الزَّبون ذكاءً، وصار سحب البساط من تحت رجلي الشريك عادةً، وصار سوءُ الأمانة منتشرًا، وصارت الكلمة الحرة نادرةً، ومع كل العهود والمواثيق والأيمان والشهود يخاف أحدُ العاقدَين أن يحيفَ به العاقدُ الآخر، وبات العامل في سوقٍ تجاريٍّ أو صناعيٍّ أو زراعيٍّ لا يأمنُ أحدًا حولَهُ إلَّا ما نَدَر؛ لأن القاعدة العامة بين الناس عدم الأمانة وعدم الصدق.,فيجب عليك أيها المسلم أن تتعلم أحكام الحلال والحرام في عملك، حتى تفعل المأمورات وتجتنب المنهيات وأنت في سوقك التجاري، فتنال رضا الله ورضا الناس؛ لكي نتقدم خطوة جديدة في تحكيم الشرع في أماكن عملنا.,إن العالم كلّه يبحث اليوم عن نظامٍ اقتصاديٍّ بديلٍ يُحقِّقُ له الرّاحةَ والطمأنينةَ، فالنظام الاقتصادي الشرقي القائم على محور أدوات الإنتاج سقط في نهاية القرن الماضي، والنظام الاقتصادي الغربيّ القائم على محور رأس المال يتداعى خلال هذه السنوات، ولأنّه لن يجدَ ضالّته إلا في (النظام الاقتصادي الإسلامي)، جاء هذا الكتاب (أسواقنا التجارية) لعلّه يحكي شيئًا يسيرًا عن النظام الاقتصادي الإسلامي.,فالعالم اليوم يبحثُ عنّا، وإذا لم نحمل له الإسلام في اقتصادنا وفي علاقاتنا الأسرية وفي عباداتنا وقضائنا وسياستنا الشرعية، فَمَنِ الذي سيحمِله؟!