الحديث عن أبو العلاء المعري محنة للقارئ.. والكاتب.. فالقارئ دائماً ينزع إلى قراءة ما يبعث اللذة الذهنية وما ينال من كآبة الوقت.. وحياة المعري أجمل نماذج للحزن.. وأروع محن قد تصادف الإنسان.. وبالتالي فالكاتب يواجه شخصية عميقة الفكر ذات دلالات فنية متعددة فكيف يكثف المأساة ويرسم المحنة؟,, ومن هنا كان ضرورة قراءة أبو العلاء المعري مرة أخرى.. من هو هذا الشاعر المتفرد بحزنه.. المختال بعاهته.. القانع بعاداته الغريبة وأفكاره المتمردة؟ أبو العلاء المعري هو أحمد بن عبد الله بن سليمان القضاعي التنوخي المعري (363 هـ - 449 هـ)، (973 -1057م).,شاعر وفيلسوف وأديب عربي من العصر العباسي عاش وحيداً.. منكسر الروح... وفي أعماقـه دمعـة... ورحل وحيداً.. وفي أعماقه حسرة وأوصى أن يكتب على قبره:,هذا ما جناه أبي علي, وما جنيت على أحد,,,واجتمع على قبره ثمانون شاعراً، وختموا – في أسبوع واحد – مائتي ختمة، وقرئ على قبره سبعون مرثية وقال قبيل وفاته: "الآن علت السن، وضعف الجسم، وتقارب الخطو، وساء الخلق، وعطلت رحى كانت لي لم تكن تجعجع ، ولكن تهمس، كنت أقصر طحنها على نفسي وأتقوى به دون غيري؟!",,عبقرية أبو العلاء المعري تكمن في فلسفته.. فهو فيلسوف عصره، وشاعر زمانه، الأعمى الذي أبصر مالا يراه المبصرون وتعامى عن الموبقات والفساد الذي انقاد إليه سائر الناس ويقول عن محنته:,,قالوا العمى منظر قبيح,والله ما في الأنام شيء , قلت بفقدي لكم يهون,تأسى على فقده العيون,,