يكتب التاريخ العربي عادةً من المختصين في أحد حقول ثلاثة. حقل الدراسات الإسلامية وحقل الأدب وتاريخه، وحقل التاريخ. ولكل من أصحاب هذه الحقول منهجه وأسلوبه. هذا التعدد قد يكون مصدر إغناء للكتابة التاريخية، وتنوع في مناهجها.وهذا واضح بخاصة بعد أن صارت هذه الدراسات ضمن نطاق الجامعات.وبعد فهناك فئة أخرى اهتمت بالكتابة التاريخية في القرن العشرين، من محامين وعسكريين خاصة، وبينها من قدّم مراجع هامة في التاريخ العربي. هؤلاء لم يتبعوا المناهج الحديثة التي تعنى بها الجامعات،ولعلهم كانوا أقرب إلى المناهج العربية الإسلامية الموروثة، ولكنهم ربما جمعوا مادة غنية، ولعلهم قدّموا الكثير من الآراء والاجتهادات من زاوية اختصاصهم.ولعل هذا ينطبق لحد ما على السيرة النبوية. وهنا يلاحظ أنّ الكتابات العربية في السيرة ظلت محدودة حتى الثلث الأخير للقرن العشرين، حين انتعشت وبدأ فيها شيء من التحليل والنقد للروايات خاصة، وتوسع في جوانب الدراسة.تتوفر الآن دراسات جادّة في السيرة، أفادت من مختلف المصادر التاريخية، وبعضها عاد إلى كتب الحديث، وهذا جانب يحتاج إلى عناية كبيرة لأهميته. وهناك دراسات ركزت على الإشارات القرآنية في دراسة السيرة.هناك بين الباحثين من اتبع البحث التاريخي، وذهب البعض إلى الاستنارة بأسلوب المحدثين في منهجه. واقتصر بعضهم على جمع الروايات الواردة في المصادر الخاصة بالسيرة وكتب التاريخ بعد التدقيق ربما تيسيراً للباحثين بالدرجة الأولى. وهناك من عني بدراسة رسائل النبي ((صلى الله عليه وسلم)) وكتبه باعتبارها وثائق هامة.