لقد أنجز الدكتور حسني محمود مجموعة من الدراسات النقدية المهمة في نقد الشعر والنثر الحديثين، ويمكن تقسيم عطائه الفكري إلى إطارين كبيرين: الأول: إطار خاص بأدب المقاومة الفلسطينية والعالمية، والثاني: إطار عام في مجالات الثقافة العربية قديمًا وحديثًا.

وفيما يتعلق بالإطار الأول الخاص بأدب المقاومة الفلسطيني شعرًا ونثرًا، فإن الناقد الدكتور حسني محمود جعل للنقد الأدبي دورًا مهمًّا وأساسيًّا في إبراز المرتكزات الجوهرية في أدب المقاومة وقضاياه الموضوعية والفنية، وذلك باستنتاج ملامح محددة يحاول الأديب الفلسطيني تقديمها عبر القصيدة والقصة والرواية، فجاء الناقد وتلقف هذه الأعمال ليقوم بمهمة الوسيط الذي يجمع هذه الملامح والرسائل المبعثرة ويبرزها، موضحًا خطورتها الموضوعية على صعيد مناقشة قضايا ذات صلات أساسية بهموم الوطن (الأرض والإنسان)، وموضحًا كذلك قيمتها الفنية، وخصوصيتها الأدبية بشكل عام. وقد قام المؤلف برصد الهواجس الأساسية التي أضاءها النقد الأدبي في أدب المقاومة، وشكلت محاور مثيرة للبحث والدراسة في أدب المقاومة موضوعيًّا وجماليًّا.

أما فيما يخص الإطار الثاني، أي أعماله النقدية والفكرية في قضايا الثقافة العربية العامة والأدب العربي خارج إطار المقاومة قديمًا وحديثًا، فهو الإطار الذي وضع لأجله هذا الكتاب؛ ذلك أن هذا الإطار يشكل الضفة الأخرى لهذا النهر الدفّاق.

فإذا كان الدارسون قد عرفوا حسني محمود من خلال ما كتب وأنجز عن أدب المقاومة –فلسطينيًّا وعالميًّا- فإن هذا الكتاب جاء ليضيف إلى معرفتهم تلك معرفة جديدة؛ لتكتمل لديهم الصورة، وتتكامل عناصرها، وتتضح بقية ملامحها، فنرى النهر بضفتيه من خلال هذه الأبحاث والمقالات التي بعثرتها يدا الزمان والمكان في ندوة هنا، ومؤتمر هناك، أو في مجلة ربما أمكن الوصول إليها أو لم يعد إلى ذلك سبيل.