إن المؤسسة التعليمية في البلاد النامية اليوم تعيش بحق مخاضًا صعبًا، تعكسه حدود التماس بين التعليم وتحديات العصر، المتمثلة بتفجر المعرفة والنمو القافز للسكان وثورة التكنولوجيا؛ مما يستدعي القيام بالكثير لتمكين المؤسسة التعليمية من أداء مهامها كما ينبغي.

ومن المؤكد أن في التطور السريع الحاصل في تكنولوجيا الاتصالات، تكمن الكثير من الحلول والمعالجات التي تسند المؤسسة التعليمية في هذا الاتجاه. وما يتناوله هذا الكتاب من تطورات أعقبت اختراع الحاسوب وشبكة الإنترنت، وأنواع الشبكات السلكية واللاسلكية الأخرى، إنما هو محاولة لرصد ما تنطوي عليه تكنولوجيا الاتصالات المتنامية من خصائص وإمكانات يمكن استثمارها في حقل التعليم؛ بغية رفع كفاءة المؤسسة التعليمية في القيام بمهمتها الخطيرة.

إن تناول العلاقة بين التعليم والتكنولوجيا مرتبط بصورة وثيقة بجملة إشكاليات العصر الذي نعيش فيه، مما يتصل بالتأثيرات المتبادلة بين التربية والثقافة والتكنولوجيا، سواء كان ذلك على مستوى المجتمع المحلي، أو على المستوى الإنساني عمومًا.

فالمواجهة قائمة فعلًا بين المؤسسة التعليمية التقليدية ومتغيرات العصر، وإن استمرار المؤسسة التعليمية في أداء مهمتها بات مرهونًا بقدرتها على التجدد والتطور، وتمكنها من احتضان التكنولوجيا الحديثة والإفادة منها، وفي مقدمة منجزات التكنولوجيا ما يتعلق منها بالاتصال ووسائله الأكثر تقدمًا، والمتمثلة باستخدام الحواسيب وما يتفرع عنها من تقنيات، وشبكات الاتصالات والمعلومات الدولية السلكية واللاسلكية، التي أصبحت تهيمن بصورة شبه مطلقة على الفضاء الاتصالي المعاصر.

إن حوسبة المناهج في بعض البلاد العربية، وتطوير استخدامات الحاسوب في المواقف التعليمية المختلفة فيها، علاوة على ظهور تجارب ناجحة في التعليم عن بعد؛ كجامعة القدس المفتوحة، وجامعة السودان المفتوحة، والجامعة السورية الافتراضية، والجامعة الأمريكية المفتوحة في مصر... إلخ، كلها منجزات تعتمد تطبيقات الحاسوب وشبكات الاتصال، وهي تجارب تستحق الدراسة.