يعتبر تفسير ابن جرير من أقوم التفاسير وأشهرها، فهو أوثق وأقدم ما دُوِّنَ في التفسير بالمأثور، أي بما ثبت بالنقل من بيان القرآن بالقرآن، وبما ورد فيه من الرسول صلى الله عليه وسلم، وما رُوي عن الصحابة والتابعين، كما أنه أهم مصادر التفسير بالرأي والمعقول، أي بالاجتهاد والاستنباط وإعمال اللغة والعقل.

قال عنه النووي: «أجمعت الأمة على أنه لم يُصنَّف مثل تفسير الطبري».

وقال عنه شيخ الإسلام ابن تيمية: «وأما التفاسير التي في أيدي الناس، فأصحها تفسير ابن جرير الطبري، فإنه يذكر مقالات السلف بالأسانيد الثابتة، وليس فيه بدعة، ولا ينقل عن المتهمين».

ولقد حوى ابن جرير جميع تراث التفسير الذي تفرق قبله في كتب صغيرة منذ عصر عبد الله بن عباس رضي الله عنهما إلى النصف الأول من القرن الثالث الهجري.

وللمؤلف منهج خاص بذكر الآية أو الآيات من القرآن الكريم، ثم يُبين تأويلها ومعناها، ويذكر أشهر الأقوال فيها، ويستشهد على القول بما يُؤْثَر عن الصحابة والتابعين، ثم يتعرض لترجيح الأقوال، واختيار الأَوْلَى بالتقدمة، ويتعرض لناحية الإعراب، واستنباط الأحكام التي تؤخذ من الآية، وترجيح ما يراه.

كما أنه اتبع منهج الإسناد لما يورده من أخبار، مع الدقة المتناهية التي عرفت عن المحدثين في نقلهم في الأسانيد والألفاظ، مثل تصريحه في الراوي الذي نسي اسمه أنه نسي اسمه، ومثل أن يروي عن شيخين فيصرح بلفظ كل واحد منهم، ونحو ذلك.

وقد جمع ابن جرير مع المأثور علم اللغة والأدب والقراءات، فكان يبدأ تفسيره للآية بتفسير معانيها من لفظه ويستشهد لها بأقوال اللغويين، وأشعار العرب من الجاهليين والإسلاميين المحتج بشعرهم، ثم يسند الأخبار التي جاءت بهذا القول، ثم يعقب بقول المخالفين، ثم يسند الأدلة التي تؤيد هذا القول، وهكذا.