إن تطوير مناهج الرياضيات ضرورة تحتمها متطلبات الحياة الحاضرة والإعداد لحياة المستقبل. فقد غزت الرياضيات فروع العلوم الأخرى، وحياة الناس اليومية، وانتشر استخدام الحاسبات الإلكترونية في علم الصناعة والتجارة والعمل؛ مما صبغ حياة العصر بصبغة هي في صميمها رياضية، وما تستلزمه هذه الحياة من معارف رياضية أمر لا بد منه لكل مجتمع نامٍ أو متطور.

وإذا ما أرادت مؤسسات التعليم أن تقوم بواجبها في إعداد الأجيال لخدمة المجتمع وسد حاجته من خبرات عقلية وثقافية ورياضية، فلا بد من أن تعيد النظر في المناهج القائمة في ضوء حاجات المجتمع، وتفسح المجال للمناهج الحديثة والمتطورة من أن تأخذ مكانها اللائق بها. فكان لا بد من إعادة النظر في المناهج القائمة من مدرسية وجامعية؛ بغية نبذ الطرق والأفكار والمفاهيم التي لم تعد ذات بال لتحل محلها طرق وأفكار ومفاهيم أوثق صلة بالتيار الفكري الحديث.

وعلاوة على التغييرات والتطورات الهائلة التي طرأت في حقل الرياضيات، كانت هناك النظريات التربوية تنظيمًا مبنيًّا على مراحل تطور النمو الفكري للمتعلم، بالإضافة إلى التنظيم المنطقي لمحتوى مادة الرياضيات ذاتها. وقد أوصت هذه النظريات التربوية بتبني وسائل وأساليب حديثة في التدريس، والتقليل من اتباع واعتماد الطرق التقليدية والعشوائية.

إن إحدى الوظائف الرئيسة للتربية هي تنمية القدرة على التفكير لدى الطلبة في جميع المراحل الدراسية، ومن خلال جميع المباحث الدراسية. وتمثل الرياضيات المكانة المركزية بين جميع المباحث الدراسية في تحمل هذه المسئولية، ويعتبر تعليم التفكير من خلال حل المسائل الرياضية والبرهان الرياضي أحد معايير العمليات الرئيسة التي تنادي بها المناهج الدراسية الحالية.