لا تزال الدراسات الاقتصادية للتاريخ العربي الإسلامي قليلة موازنة بالدراسات السياسية والدراسات في الجوانب الأخرى من تاريخنا بالرغم من الأهمية البالغة التي يحتلها الجانب الاقتصادي في فهم تاريخنا العريق، ويوماً بعد يوم تتبين لنا صعوبة دراسة تاريخنا العربي بمعزل عن دراسة الحياة الاقتصادية التي تمثل المحور الحيوي للحياة العامة، ولا نبالغ إذا قلنا إنه بدون الدراسات الاقتصادية لتاريخ أمتنا العربية الإسلامية لا نستطيع أن نقدم صورة ناضجة لتجربة الأمة في مجال التنظيم والقدرة على التفاعل والاستجابة لتطور الأوضاع الجديدة.

فدراسة حياة الموالي الاقتصادية تبين لنا منزلتهم الاجتماعية وأحوالهم المعاشية وتقدم لنا صورة حقيقية عن مسيرة الأمة فضلاً عن أن الدراسات الاقتصادية تبعدنا عن دائرة الدراسات السياسية التي لم تستطع أن تقدم لنا رؤية شافية عن تاريخنا المجيد الذي أظهرته الدراسات السياسية كأنه حلقات صراع لا أكثر، وبهذا تكون دراسة الحياة الاقتصادية للموالي جزءاً مهماً من دراسة التاريخ الحضاري للأمة العربية الإسلامية.

وتحاول هذه الدراسة الموسومة ""تاريخ الموالي ودورهم في الحياة الاجتماعية والاقتصادية في صدر الإسلام والدولة الأموية"" أن تسهم في تقويم الخطأ الذي شاع في الدراسات التاريخية والذي يذهب إلى أن الدولة الأموية قد حطت من شأن الموالي وظلمتهم، وعندما نريد تقديم صورة سليمة عن الوضع الذي عاش فيه الموالي في الدولة العربية الإسلامية وبخاصة في الدولة الأموية فلا بد لنا من إبراز الجانب الاقتصادي بوصفه أحد المؤشرات البارزة لدراسة أوضاعهم في هذه الحقبة.