إن دراسة النظرية العامة للالتزام توجب الإحاطة بعناصرها، فهذه النظرية تستند على مرتكزات ثلاثة رئيسة، هي: مصادرها وأحكامها وإثباتها.

ولما كانت التشريعات المدنية قد انتهت – مؤخرًا - إلى الأهمية التي تستحقها دراسة إثبات الالتزام فشرعت لها قوانين مستقلة جمعت فيها النصوص القانونية التي تُعنى بها، وهي إن اختلفت في مسمياتها فهي متفقة في مضمونها.

لذلك غدت دراسة إثبات الالتزام دراسة متميزة، تتسم بمنهجية مستقلة كثر المتخصصون بها، وأضحت تدرس كمادة مستقلة ضمن المواد المقررة في كليات الحقوق؛ مما حدا بشُراح النظرية العامة للالتزام إلى عدم التعرض لأحكامها عند شرحهم للنظرية.

ولما كانت دراسة أحكام الالتزام تتطلب تتبع هذا الالتزام من لحظة ولادته حتى وفاته، فإن ذلك يحتم البحث في آثاره (تنفيذه) والوسائل الخاصة التي تضمن حصول الدائنين على حقوقهم، وفي الأوصاف التي قد تنتابه فتحوله من التزام بسيط منجز إلى التزام قد يكون موصوفًا (متوقفًا) بشرط أو أجل أو بتعدد محله أو أطرافه، وفي انتقاله (حوالته)، فالالتزام قد لا يبقى مقتصرًا على طرفيه الأصليين وثابتًا بينهما، بل قد ينتقل من مدين إلى مدين بحوالة الدين، أو من دائن إلى دائن بطريق حوالة الحق.