لا تكمن أهمية النظريات الاجتماعية المتقدمة في مجالها النظري والأكاديمي فحسب، بل تكمن أيضًا في مجالها البراغماتي والتطبيقي؛ ذلك أن أية نظرية اجتماعية يستخدمها الطالب في دراسته أو بحثه أو أطروحته، تنطوي على إطار نظري يحدد الهوية العلمية للدراسة ومنطلقاتها الفكرية والمبدئية، وتنطوي أيضًا على تقنيات عملية وإجرائية من شأنها أن تحدد الدراسة وكيفية تناولها وتقصي المعلومات عنها مع توضيح سبل الربط بين عناصرها؛ لكي تتسم الدراسة بوحدة الموضوع والهدف.

وتعرف النظرية الاجتماعية على أنها مجموعة الأفكار والمعتقدات والآراء التي تجسد ماهية وطبيعة البنى والأنظمة والعمليات والعلاقات الاجتماعية بين الأفراد والجماعات؛ لكي يصار إلى الاستفادة منها في فهم النظم والمجتمعات.

وللنظرية الاجتماعية شروطها ووظائفها الأساسية، فمن شروطها: تكامل وترابط أفكارها ومفاهيمها ومبادئها مع وضوح النظرية وتسلسل أفكارها وبعدها عن التعقد والتشويش، فضلًا عن اشتقاقها من طبيعة الواقع الاجتماعي الذي توجد فيه مع توفر شرط الصحة النسبية للنظرية وليس الصحة المطلقة.

أما وظائف النظرية، فهي نضوج واكتمال العلم والاختصاص، والقدرة على تفسير الظواهر الواضحة والغامضة والتفاعلات الأساسية والثانوية والعوامل الموضوعية والذاتية لعلم من العلوم، إضافة إلى احتوائها على المفاهيم والمصطلحات العلمية وتحديدها لميادين الدراسة لأي علم من العلوم.

ولقد اعتمد المؤلف في تحليل النظريات الاجتماعية المعاصرة وسردها وربط بعضها ببعض المنهج الاستنتاجي، الذي حاول من خلاله تحليل كل نظرية من النظريات إلى عناصرها الأولية مع تبيان سماتها الأساسية التي تميزها عن بقية النظريات.