ترتبط المحاسبة بعلاقة وثيقة بكثير من العلوم، حيث تعتمد عليها في تطوير أسسها وطرقها وأساليبها، وبالمقابل فإنها تقدم لتلك العلوم خدمات كبيرة لا غنى عنها، والواقع أن التطور في هذه العلاقة يزداد شيئًا فشيئًا حتى يصل إلى التكامل في كثير من الجوانب.

إن مادة مبادئ المحاسبة قد استحوذت على قدر كبير ومتزايد من اهتمام المعنيين من أكاديميين ومهنيين على السواء وفي العالم أجمع؛ وذلك بسبب خصوصية هذه المادة في كونها تتطلب مزيجًا نظريًّا وعمليًّا متكاملًا للمفاهيم والأسس وتطبيقاتها العملية من جهة، ولأنه وفي ظل التطور العلمي والتقني القائم لا بد للمحاسبة من المواكبة والتأثر والتأثير وفقًا لمتطلبات ترابطها وتكاملها مع بقية العلوم وحقول المعرفة الأخرى خدمة لأهدافها كما هو في خدمة المجتمع من جهة ثانية، ثم إن النمو الهائل في حجم الأعمال وتزايد الحاجة للمحاسبة فرض عليها تشعب وتعاظم في المسئوليات والوظائف المناطة بها من جهة ثالثة.

والحديث عن المحاسبة يشمل الحديث عن التدقيق والرقابة؛ وذلك لأن تطورهما مرتبط بتطور المحاسبة، باستثناء المراحل المبكرة من الحضارة الإنسانية، حيث سادت الصفقات التجارية والعمليات المالية الصغيرة، فكان بمقدور الفرد القائم عليها ضبطها بنفسه، بينما على مستوى الدول والإمبراطوريات، فإنها احتاجت إلى أنظمة لفحص ومراجعة الحسابات العامة كما كان في عهد الفراعنة كذلك الإغريق والرومان، ودل على ذلك استخدام مصطلح Audire ومعناها يستمع والمشتقة منها كلمة مدقق، حيث كان يطلب من المحاسبين الحضور أمام المدقق لقراءة حساباتهم، وهكذا كان الحال وربما أكثر في الدولة الإسلامية، وفي العصر الحديث تطورت مهنة التدقيق حتى وصلت إلى مستوى مرموق بين المهن.