
Sign up to save your library
With an OverDrive account, you can save your favorite libraries for at-a-glance information about availability. Find out more about OverDrive accounts.
Find this title in Libby, the library reading app by OverDrive.

Search for a digital library with this title
Title found at these libraries:
Library Name | Distance |
---|---|
Loading... |
إن الإنسان كائن اجتماعي بطبعه ولا يمكن أن يعيش بمفرده، وتنشأ عن حياته مع الجماعة العديد من العلاقات الأسرية والمالية والسياسية. وينجم عن هذه العلاقات الكثير من المنازعات وصراع المصالح، حيث يدعي الكل بأنه صاحب حق في مواجهة غيره والعكس صحيحًا، ومثل هذا التناقض في المصالح يحتاج إلى منهج منظم للفصل بين الحق والباطل وإعطاء كل ذي حق حقه. ويتمثل هذا بضرورة وجود قواعد يحترمها الجميع لتنظيم العلاقات بين الناس، والاستجابة من خلال هذه القواعد لدعاوى الظلم التي يعاني منها هذا الشخص أو ذاك على أساس العدالة والإنصاف.
ولم تعد مهمة المشرع اليوم محصورة في وضع القواعد العامة التنظيمية، وتهيئة المؤسسات القضائية الكافية والمتخصصة لتنفيذ أوامر المشرع ونواهيه وتطبيق القواعد القانونية بكل حياد ونزاهة، بل يتعدى ذلك إلى مهمة توعية الناس بأهمية الاحترام بهذه القواعد وعدم الخروج عليها، وربط ذلك بالتقدم الحضاري ومستوى الرقي الذي تتنافس الدول لبلوغ أعلى درجاته.
إن قواعد القانون هي في حقيقتها قواعد سلوك اجتماعي، والظاهرة التي تحكمها هذه القواعد هي إرادة الإنسان، فالقاعدة القانونية تصدر أمرًا إلى هذه الإرادة، بحيث يتعين على الإرادة المخاطبة بحكم القانون مطابقة سلوكها على مقتضى الأمر الصادر إليها؛ ولذلك قيل: إن قواعد القانون هي قواعد تقويمية؛ لأنها لا تكتفي بتقرير ما هو كائن، بل تهدف إلى تحديد ما ينبغي أن يكون. ولكن نظرًا لأن إرادة الإنسان التي تحكمها قواعد القانون ليست جامدة، وإنما هي إرادة حرة، فإنه من المتصور أن تخالف هذه الإرادة الأمر أو الأوامر الصادرة إليها من المشرع، ولولا تصور واحتمال وقوع مثل هذه المخالفة لما كانت هناك حاجة إلى اقتران القاعدة القانونية بجزاء يوقع على الفرد عند مخالفتها.