"يحتل موقف الدعوة الإسلامية من حياة البداوة في عصر الرسالة أهمية ومكانه خاصة ومع ذلك فإنه لا توجد دراسة أكـاديمية مستقلـة وشاملـة لـها، واكتفـى بعض الباحثين بتقـديم معالجـات جزئيـة للموضـوع وعـدم تقـديم عرض مفصـل لمـا حققـه الإسلام من التحـولات الجذريـة في حيـاة العـرب خاصة وحياة الناس عامة في هذا المجال، وعندما ظهر الإسلام في مكة في نحو سنة 610م وجد أن أهلها متمسكون بقيم ومثل بدوية على الرغم من تحضر أهلها, وهذه القيم والمثل هي مثل وقيم دينية وسياسية واجتماعية وثقافية، فأقر الإسلام الصالح منها وألغى الطالح وعدل البعض الآخر وما اقره الإسلام من هذه القيم والمثل بنصوص القرآن الكريم أو سنة الرسول صلى الله عليه وسلم فهو مباح وحلال، وهو المعروف، أما ما أنكره ودعا إلى إلغائه فهو المنكر والحرام.

إن هذا المنطلق يتطلب أن يعمل الباحث على دراسة هذه القيم والمبادئ التي كان عليها البدو والحضر عند ظهور الإسلام، من أجل إدراك ومعرفة مقدار التحولات التي أحـدثتها الرسالـة الإسلامية في حياتهـم لذا كان هذا الكتاب «الدعـوة الإسلامية وحيـاة البـداوة في عصـر الرسـالـة وحتـى نهايـة حركـات الـردة» الذي هو في الأصل رسالة جامعية نالت الباحثة على أساسه درجة الدكتوراه في التاريخ الإسلامي.

"