
Sign up to save your library
With an OverDrive account, you can save your favorite libraries for at-a-glance information about availability. Find out more about OverDrive accounts.
Find this title in Libby, the library reading app by OverDrive.

Search for a digital library with this title
Title found at these libraries:
Library Name | Distance |
---|---|
Loading... |
لا يختلف إثنان فيما للنظام التربوي و التعليمي من أهمية بالغة في حياة المجتمعات و الأمم، فهو الركيزة الأساسية لبناء حضارتها و المحافظة على مقومات شخصيتها، لهذا أولي التعليم اهتماما فائقا باعتباره دليل وعي الأمم، و ترجمان تطلعاتها إلى مستقبل أفضل للحاق بالركب الحضاري، إن لحاقها بهذا الركب يقتضى منها الإيمان بالتفتح على الغير، وتبادل الخبرات الثقافية و العلمية معه، حتى يكتب الانتشار و الذيوع لشتى صنوف المعرفة، فتزدهر و تؤتى أكلها، في حين أن التعصب و الانغلاق على فكر معين لا يولد سوى الجمود الفكري.
و لا شك أن الدولة الموحدية التي استطاعت توحيد بلاد المغرب و جزء من الأندلس لأول مرة في التاريخ لمدة تزيد عن قرن و نصف قرن من الزمن، لم يكن لها قصب السبق و الإنفراد في ذلك، لولا وعيها الكبير و اهتمامها بالتربية و التعليم، و قد كان المغرب في العصر الموحدي متصلا بالأندلس، تربطهما وشائج ثقافية قوية، و المتتبع للحركة الثقافية فيه يجد أن الخصائص العامة لثقافة المغرب تكاد تكون هي نفسها الخصائص العامة للثقافة الأندلسية و المشرقية معا، ذلك أن اللغة العربية عرفت كيف تصهر المظاهر الحضارية و العمرانية للأمة الإسلامية في خصائص مشتركة دون أن تقف أمامها حدود جغرافية و سياسية.
وهكذا يجد الباحث نفسه متسائلا أمام مجد هذه الدولة و عظمتها عن بواعث هذا المجد، و كيف استطاع الموحدون بناء نظام تعليمي حكيم؟ و ما هو الجديد فيه؟ و إلى أي مدى كان للنظام التعليمي دورا سياسيا في الحفاظ على النظام طوال تلك الحقبة؟ وما دور الخلفاء في التوجيه التربوي و التعليمي؟ و إلى أي مدى اتسمت السياسة التعليمية الموحدية بالحكمة و العقلانية التي تجعلها جديرة بالتأثير على التربية و التعليم حاليا؟