برزت أهمية العقود الإلكترونية مع انتشار الإنترنت وزيادة استخدامها بشكل عام، وعلى الأخص في مجال إجراء المعاملات المدنية والتجارية في إطار ما يسمى بـ(التجارة الإلكترونية)، وعلى الرغم من أن العقود المبرمة عبر شبكة الإنترنت تدخل ضمن طائفة العقود المبرمة عن بعد، ولا تخرج كليًّا عن نطاق القواعد المنظمة لأحكام العقد عمومًا في العالم المادي، لكن الطبيعة الخاصة لشبكة الإنترنت وخدماتها المتعددة ذات الطابع العابر للحدود ميزت هذه العقود من جوانب عديدة، قد تتطلب إعادة النظر في الكثير من القواعد والمفاهيم الراسخة في القوانين القائمة.

وقد تناولت هذه الدراسة الأحكام القانونية الواردة في القوانين الوطنية والدولية المنظمة للتجارة الإلكترونية ومعاملاتها، والتي تنظم أهم الجوانب الخاصة التي ينفرد بها التراضي في العقود الإلكترونية عبر الإنترنت، حيث تناولت الدراسة صورتين شائعتين للتعبير الإلكتروني عن الإرادة وهما: (رسالة البيانات) والوسيط الإلكتروني (النظام المؤتمت)، ثم بيَّنت ما يتميز به كل من الإيجاب والقبول الإلكترونيين، وكذلك مسألة تحديد زمان ومكان انعقاد العقود الإلكترونية باعتبارها من أهم المشاكل القانونية الناجمة عن التعاقد عبر الإنترنت؛ بسبب عدم وجود الحضور المادي والمواجهة الحقيقية بين الطرفين المتعاقدين، كما تطرقت الدراسة إلى صحة التراضي في العقود الإلكترونية، وصعوبة التأكد من تمام أهلية الطرف المتعاقد معه عبر الإنترنت، وتطبيقات عيوب الإرادة في العقود الإلكترونية التي سهلت خدمات الإنترنت وقوعها في البيئة الإلكترونية.

كما أكدت هذه الدراسة على أهمية تنظيم تقنيات التجارة الإلكترونية المستخدمة في مجال التفاوض على العقود وإبرامها، وإعادة النظر في القواعد القائمة، وضرورة استحداث قواعد قانونية خاصة بحماية المستهلك عندما يكون طرفًا في العقود الإلكترونية المبرمة عبر الإنترنت.