لا شك في أن التطور هو السمة الأبرز في حياة الإنسان منذ ظهوره الأول على وجه هذه الأرض، فلقد تراكم هذا التطور منذ ذلك الظهور الأول بمعدلات متباينة بفعل القدرة العقلية العظيمة التي يتميز بها الإنسان على كل الكائنات الأخرى التي تشاركه هذه الأرض، في كونه قادرًا على أن يطوّر ويبتكر الأشياء الجديدة.

ولعل التطور الأهم والابتكار الأعظم الذي قام به الإنسان هو ذلك التطور الحضاري الشمولي، ومن الممكن أن نقول: الابتكار الحضاري العظيم الذي انتقل فيه خلال العصور التأريخية المختلفة بكل ما تعنيه من تطور في العناصر المكونة والسائدة فيه في وثبات حضارية بما يجعل كل عصر يمثل منعطفًا نوعيًّا متميزًا عن العصور التي سبقته.

إن الابتكار بحاجة إلى الحماسة والطموح من أجل القفز على الحالة القائمة وأرجحياتها وروتيناتها، وهذا ما لا يتوفر إلا في الشركات الابتكارية وفي القيادات الابتكارية التي تكون راعية لأولئك الذين يمكن أن يبشروا بالأفكار الجديدة، والذين يطرحون الأسئلة عن الحالة القائمة.

والواقع أن الابتكار عمل خلاق غير مألوف، وكسر للمألوف الذي نعتاد عليه في الحالة القائمة، وكلما كان الابتكار (من الفكرة إلى المنتج – العملية، ثم إلى السوق) ناجحًا أدى ذلك إلى تغيير قوي وسريع وملحوظ في الحالة القائمة التي يمكن تصويرها كمرآة تتشظى تحت تأثير ومضة الابتكار المولّدة للجديد.