يشهد العالم تطورات كبيرة، وتحولات خطيرة، من أخطرها ما يشهده على صعيد الفرق والجماعات والمذاهب والتيارات، والأفكار والمناهج والنظريات، التي ظهرت وتلقفها أبناء المسلمين، وتهافتوا عليها وانضووا تحت رايتها، ومن أسوأ هذه الرايات الليبرالية، ذلك الفكر الذي يحمل في أحشائه خطورة التمرد، ووحشية رأس المال المتوثب، والذي هام به كثير من أبناء المسلمين، وأرادوا أن ينقلوه إلى أرض الإسلام، رغم أنه نبت ونشأ في غير أرضهم وفي بيئة غير بيئتهم.ويهدف مؤلف هذا الكتاب الدكتور صالح الدميجي إلى تتبع النتاج الفكري لأرباب التيار الليبرالي في البلاد العربية، الذي ينشط بشكل كبير هذه الأيام فيما يتعلق بموقفهم من الإسلام، وكشف حقيقة موقفهم من محكمات الدين ومسلماته.وقد تتطرق المؤلف في الباب الأول من الكتاب إلى الليبرالية من حيث المفهوم والنشأة ومجالاتها وموقفها من الدين، إلى جانب الليبرالية في البلاد العربية، ويحدد في الباب الثاني موقف الليبرالية العربية من مصادر التلقي ومناهج الاستدلال، كما يوضح في الباب الثالث موقف الليبرالية العربية من عقيدة الإيمان بالغيب، وتحدث في الباب الرابع عن موقف الليبرالية العربية في البلاد العربية من أصول التشريع.ويُرجع د. الدميجي أهمية دراسته إلى أن الفكر الليبرالي لم يأخذ حقه في حقول الدراسات الإسلامية خلال عقود طويلة كما حدث مع أفكار وتيارات أخرى، مرجعًا ذلك إلى تستر الليبرالية كثيرًا وراء ستار الديمقراطية، وأحيانًا بأقنعة الحرية الفكرية والسعادة الفردية والتحديث والتمدن، كما أعاد ذلك أيضًا إلى ما يردده دعاة الليبرالية من أن خلافهم مع علماء الدين منطلقه الاختلاف في فهم النص لا في ذاته، ومن الفهم المتطرف للدين لا في حقيقته، موضحًا أن هذه الدراسة تأتي لتكشف حقيقة هذه الدعوى، وتظهر مصداقية هذه المقولة من عدمها.