إن أبناءنا اليوم بحاجة للوقوف عند أعلام أمتهم؛ لينهلوا من سيرهم المشرقة، وليترسموا تلك السير الراشدة في حياتهم، في عصر تتكالب فيه على هذه الأمة قوى الهدم والتخريب، أعداء الإسلام والإنسانية.وإذا وجد اليوم من شعوب الأرض مَنْ يتشرف بالانتساب إلى قومه وقادته الأُول، فأول مَنْ يترشح إلى ذلك هم أبناء الأمة الإسلامية، كيف لا وهم ينتسبون إلى شجرة مضيئة تضرب بجذورها الطيبة في أعماق التأريخ الإنساني؟! تلك الشجرة التي أنبت نباتها رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فكان آل بيته الكرام، وخلفاؤه الراشدون، ومَنْ سار على هديهم.ولذلك عُنِيَ هذا الكتاب بتراجم خلفاء الدولة الإسلامية منذ ظهور الخلافة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى آخر خلفاء الخلافة العباسية.ولما كان تأريخ الخلافة الإسلامية يعد مجدًا من أمجاد أمتنا، بل من أمجاد التأريخ الإنساني عامة؛ لما خلّفه لنا من سير أولئك الخلفاء في كل ناحية من نواحي حياتهم، وبخاصة الراشدون منهم: عدلًا، وصلاحًا وزهدًا، وقضاءً، وتدينًا، ووعظًا، وتقوى، وشجاعة، وحكمًا، وانتظامًا، على نهج سيد المخلوقات رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان من واجب أبناء هذه الأمة عبر أعاصيرها، وبخاصة في عصرنا اليوم، أن تحيط علمًا بسير أولئك الذين اختطوا لنا منهجًا في الدين والسلوك.