إن عمل القواميس ليس بالعمل السهل، بل يتطلب جهدًا عظيمًا حتى يستطيع الباحث أن يضع أمام أصحاب العلم كل ما توصل إليه، خلال حقبة من تاريخ حياته، ويختلف العمل المعجمي كل الاختلاف عن غيره من الأعمال الإبداعية التي يطرقها الدارسون في مجالات كتاباتهم، وهذا الاختلاف لا يقدره سوى النفر من الدارسين الذين أقحموا أنفسهم في هذا المجال من العمل العلمي.ومع ذلك فإن المؤلف يعتقد أن كتابة القواميس يجب أن تضطلع بها لجان، لا أن تترك لاجتهاد الأفراد، فهؤلاء مهما بذلوا من جهد ومهما صرفوا من وقت، ومهما حاولوا التجرؤ، لن تأتي معاجمهم إلا صورة من تفكيرهم الخاص وتفضيلهم الشخصي ونزعاتهم المخفية.وقد يقال الشيء الكثير عن قدم عهد هذا العلم منذ نشأته على يد الإغريق أو العرب أو الحضارات التي أوصلتنا علومها من خلال آثارها التي ما زالت باقية إلى الآن، فالتاريخ جاءت مصطلحاته كلها أو جلها من صنع الجامعات الأوروبية والأمريكية، والواقع أن تاريخ هذا العلم ومصطلحاته يرتبطان ارتباطًا وثيقًا بتاريخ أقسام التاريخ وتطورها في هذه الجامعات، في وقت لم تكن فيه الصلة بين هذه المعاهد بعضها ببعض صلة قوية وثيقة أو سهلة، فكانت لكل مدرسة عدتها اللغوية الخاصة بها، كما كان لبعضها تفوق أو تخصص في فرع من فروع التاريخ؛ مما أدى إلى وفرة قسم من المصطلحات وغناها في بعض اللغات عنها في الأخرى.