لقد قدم العرب للغرب علومًا ومعارف وخدمات عديدة، أزاحت ظلمة الليل الطويل عن حياة أوروبا، وأزالت ظلم الإنسان للإنسان، ووقفت أمام تفشي الخرافة والسحر والشعوذة، وقد شملت هذه العلوم كل مناحي الحياة من إنسانية ورياضية وفلكية وطبية وفنية وخُلقية وفروسية.ولكن - للأسف الشديد - بدلًا من أن يكافئ الغرب المسلمين العرب على ما قدموه لهم من علوم ومعارف وخدمات ساعدتهم على الخروج من ظلمة النفق الطويل الذي عاشوا فيه لقرون طويلة، كانت مكافأة الغرب للمسلمين على هذه الخدمات الجليلة التي قدموها لهم كمكافأة (النعمان لسنمار).لقد مدَّ الغرب للمسلمين العرب أيادي وبها سكاكين مشحوذة يمزقون بها أوصالهم، ويقطّعون بها أرضهم، ويسلبون بها خيرات أوطانهم.ولو تتبعنا جذور الاتصال الحضاري والفكري بين المسلمين وغرب أوروبا منذ أواخر القرن العاشر الميلادي، لوجدنا شهادات علماء الغرب واضحة كالشمس تشيد بعلوم المسلمين ومعارفهم وبفضلهم على الغرب.لقد كان المسلمون يسيرون قدمًا في إقامة صرح حضارة إسلامية عامرة شامخة، وكانوا يضربون أروع المثل في حرية الفكر وتشجيع البحوث والدراسات العلمية الجادة والترجمة، وقد أخذت حضارة العالم الإسلامي هذه تتسرب إلى أوروبا عن طريق الأندلس وصقلية والمغرب ومصر وبلاد المشرق الإسلامي بعدما اجتاحته الحروب الصليبية، التي أفادت منها أوروبا فائدة كبيرة من الناحية الحضارية؛ لأنها صارت على اتصال مباشر ووثيق بالعالم الإسلامي في مراكز إشعاعه الفكري والحضاري.