ثقافة الحوار في المرجعية الإسلامية

ebook

By محمد زرمان الجزائري

cover image of ثقافة الحوار في المرجعية الإسلامية

Sign up to save your library

With an OverDrive account, you can save your favorite libraries for at-a-glance information about availability. Find out more about OverDrive accounts.

   Not today

Find this title in Libby, the library reading app by OverDrive.

Download Libby on the App Store Download Libby on Google Play

Search for a digital library with this title

Title found at these libraries:

Library Name Distance
Loading...

إن ثقافة الحوار لها جذورها العميقة في مرجعيتنا الدينية وتراثنا الفكري، حيث حظيت فيهما بمكانة مرموقة، وكان الاعتراف بالآخر والإيمان بالحوار كسبيل لحل الإشكالات الفكرية العالقة بين المختلفين، والبحث عن الحقيقة كهدف نهائي للحوار، والممارسة الأخلاقية للحوار كلها مفردات تميز بها الخطاب الإسلامي على المستوى النظري، وتجسدت سلوكًا حيًّا في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، ثم في سلوك أصحابه من بعده، وتركت بصماتها الواضحة في المدارس الفقهية والفكرية والمذهبية التي آمنت بالحوار طريقًا لتبادل المعرفة وتمتين أواصر العلاقات العلمية بين أصحابها.ومما لا شك فيه، أن الهدف من البحث في ثقافة الحوار في منظومتنا المعرفية هو محاولة استثمارها والاستهداء بها في حياتنا اليوم، والتي نعاني فيها من التمزق والتمذهب والتكفير والتخوين وسيادة ثقافة الصراع والإلغاء. إن هذه العلل والأدواء التي تنخر كياننا وتستنزف طاقاتنا وتزيدنا تشتتًا وانقسامًا ستختفي من ساحتنا الثقافية شيئًا فشيئًا إذا ما التزمنا بثقافة الحوار وفتحنا قلوبنا وعقولنا لبعضنا بعضًا، وطرحنا خلافاتنا كلها -مهما كانت شائكة- موضع البحث والنقاش والتحليل، واتسعت صدورنا للنقد والاعتراف بالأخطاء.إن الحوار الداخلي خطوة حتمية لا بد منها تسبق كل محاولة للدخول في حوار خارجي، وحتى نكون في المستوى المطلوب من الانسجام والتفاهم والتلاحم الذي يقتضيه الموقف الذي يؤهلنا لدخول حوار الحضارات يجب أن نتخذ من ثقافة الحوار أداة فعالة نواجه بها أمراضنا الحضارية ونقتلع بها رواسب الانحطاط والتخلف القابعة في أعماقنا، ونعيد ربط أنفسنا بمرجعيتنا المعصومة لنتفاعل معها تفاعلًا مباشرًا وقويًّا، ونستمد منها أبجديات ثقافتنا ليكون لنا موقعنا المميز والقوي بين حضارات العالم، والتي لا بد لها أن تتحاور بعد أن أصبح الحوار خيارًا استراتيجيًّا لا بديل عنه للبشر أجمعين.

ثقافة الحوار في المرجعية الإسلامية