يهدف هذا الكتاب إلى إلقاء الضوء على الوسائل والطرق التي بمقتضاها يأخذ الفرد حقه بشكل حضاري، بعيدًا عن أسلوب «القوة تنشئ الحق وتحميه»، وما يسفر عنها من شيوع الفوضى في المجتمع والرجوع إلى العصور البدائية، حيث يقوم هذا البحث على الركيزة الأساسية التي تقوم عليها أهم وسيلتين، وهما: القاضي وأعماله أو غايته، هذا من ناحية، وأداته في الوصول إلى هذه الغاية ومن المحكمة، حيث إن الغاية التي يسعى من ورائها القاضي من الحماية القضائية وتلك الأخيرة لن تتحقق إلا عن طريق المحكمة، فالقاضي والمحكمة هما ركيزتا العمل القضائي، وهما غاية نظام المرافعات الشرعية السعودي.بيد أنه لا يكفي وجود تلك الركائز أو الوسائل، بل لا بد من تنظيم لبيان العلاقة بين الركيزتين، وإلا سيصبح وجودهما غير فاعلين، وينطوي هذا التنظيم على بيان حالات عدم صلاحية القضاء، وهو ما يجسد أهم المبادئ القضائية ألا وهو مبدأ الحياد، وهذا الأخير ينظم العلاقة بين القاضي والمتقاضين، أما المحكمة فقد عَنَى النظام أيضًا بتنظيم لها من حيث إفراد قواعد الاختصاص الدولي والعالمي والنوعي والمحلي.إن النزاعات أمام المحاكم في أي بلد ليست ذا طبيعة واحدة؛ وذلك لتنوع الحقوق محل الحماية؛ فمنها الحقوق الشخصية، ومنها الحقوق العينية، ومنها حقوق الأسرة وهي الأحوال الشخصية؛ ومن ثم كان لزامًا أن تتنوع الإجراءات التي تكفل حماية كل حق.وليست فاعلية الحماية القضائية فقط في إصدار الأحكام من المحاكم، بل في تنفيذها؛ حتى لا تعد «حبرًا على ورق»؛ لذلك فلقد اشتملت قواعد نظام المرافعات الشرعية على قواعد تنفيذ الأحكام وطرق وأنواع وصور الحجز على أموال المدين والعوارض التي تعتري سير الحجز وإشكاليات التنفيذ ومنازعاته.إن نظام المرافعات الشرعية عَنَى بشكل كبير بإرساء قواعد تحكم أهم مرحلة من مراحل النزاع، وهي المرحلة التي تنظر المحكمة فيه ادعاءات الخصوم وتناقش أدلتهم، وهي ما يعبر عنها بقواعد الخصومة وما تنطوي عليه من أعمال.كما أن من أهداف هذا الكتاب أيضًا إلقاء الضوء على منظومة الإثبات وطرق إقامة الدليل أمام القضاء، متناولًا فيه محل الإثبات وهي «الواقعة محل الإثبات»، والشروط الواجب توافرها فيها.