تناولت هذه الدراسة بحث موضوع «الحماية الجنائية للبيئة البحرية»؛ بغية المساهمة في وضع إطار قانوني لحماية البيئة البحرية؛ نظرًا لما لهذه البيئة من أهمية خاصة في تحقيق التوازن المناخي، وخفض المعدلات المتزايدة لتوالد غاز ثاني أكسيد الكربون؛ نظرًا لقدرتها الهائلة على امتصاصه من الجو، وتوفيرها غاز الأكسجين اللازم لاستمرار الحياة على الأرض، وكونها مصدرًا للماء العذب، فضلًا عن الأهمية الاقتصادية لهذه البيئة باعتبارها مصدرًا للمواد الغذائية والمواد الأولية اللازمة لأغراض الصناعة والثروات المعدنية، بالإضافة إلى أنها مصدر للطاقة وطريق هام للمواصلات ومجال للسياحة.فالبيئة البحرية تتميز بأهمية خاصة تميزها عن كافة عناصر البيئة الأخرى، ومبعث هذه الأهمية ما تتمتع به هذه البيئة من طبيعة متميزة حيث تعد هي النموذج الأمثل لبيئة الإنسانية.من هنا صارت البيئة البحرية مجالًا عالميًّا وقوميًّا للاهتمام العلمي والقانوني، فتعددت الدراسات والبحوث التي حاولت إثارة الوعي بأهمية تلك البيئة ومواردها وما تتعرض له من استنزاف وإفساد مقصود، خاصة وأن أضرارها تمتد مكانيًّا وزمنيًّا حتى أنها لا تقف عند مكان ارتكابها، وإنما تتعداه لتشمل أماكن متعددة ودولًا متجاورة.وبذلك أضحت مشكلة التلوث البحري تمثل خطرًا كبيرًا على العالم أجمع، فكان ذلك مدعاة لإجماع الدول على ضرورة الالتزام بحماية تلك البيئة وفرض إجراءات فعالة لمنع ومكافحة تلويثها؛ لذلك كان من الضروري تدخل المشرع الجنائي ليقوِّم الاعوجاج الذي أحدثه الإنسان نتيجة عبثه بتلك البيئة واستغلالها استغلالًا سيئًا.ومما يزيد من أهمية هذا البحث، أن مشكلة تلوث البيئة البحرية تمثل خطرًا كبيرًا على العالم أجمع خاصة منطقتنا العربية، حيث إن البحار التي تطل عليها هذه الدول تكاد تكون شبه مغلقة، ولا تتجدد مياهها إلا بشكل بطيء، فضلًا عن تميزها بسرعة تأثيرها بعوامل التلوث نظرًا لطبيعتها الهشة.