تناولت هذه الدراسة (الحياة الفكرية في مصر خلال العصر الأيوبي 567ـ648هـ / 1171ـ1250م) انطلاقا من اعتبارات عديدة لعل في مقدمتها الرغبة في دراسة التاريخ الأيوبي باعتباره حلقة من حلقات التاريخ الإسلامي التي لعب فيها الكرد دورا قياديا متميزا، وإدراكا في الأهمية دراسة التاريخ الحضاري للمسلمين تعمدت الكشف، عن المزيد من الجوانب المشرقة في تاريخ هذه الأمة.وقد وقع اختياري على بلاد مصر دون غيرها من البلاد التي شملها الحكم الأيوبي رغبة في استيضاح وكشف الاتجاهات الفكرية الجديدة التي برزت بعد قضاء صلاح الدين الأيوبي على الدولة الفاطمية والوقوف على حجم الدعم الذي لقيه العلماء ورجال الفكر من السلاطين الأيوبيين وأمرائهم، وكذلك التعرف على المؤسسات العلمية التي استحدثها الأيوبيون وطبيعة الأنشطة العلمية التي اطلعت بها، وإلى أي مدى واكبت الحياة الفكرية الأحداث السياسية والحربية الساخنة، وهل كانت الحروب الصليبية قد شكلت عائقا أمام الحركة الفكرية وتطورها إلى ما هنالك من الاستفسارات التي يمكن أن تثار في هذا الخصوص مما وجده المؤلف فيه أهمية تم توضيحها في هذه الدراسة.ولاشك أن موضوع هذه الدراسة يستمد أهميته إذا ما أدركنا أن أغلب الدراسات التاريخية عن مصر خلال الحقبة موضوع البحث قد انصبت على الجانبين السياسي والحربي دون أن يحظى الجانبان الحضاري والفكري بما يتناسب وأهميته في تاريخ تلك المرحلة. وجاء عدم عناية المؤرخين بالتعرف على النواحي الحضارية نتيجة اهتمامهم بما كان بين الصليبيين والمسلمين من حروب استأثرت في المقام الأول باهتمامهم، ومن ثم يمكن القول أن دراسة الحياة الفكرية في تلك الحقبة الزمنية تحمل من الميزات والمبررات ما يجعلها أهلا لموضوع الكتاب.